للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا حَجَّ عُمَرُ حَجَّتَهُ الْأَخِيرَةَ الَّتِي لَمْ يَحُجَّ غَيْرَهَا، غُودِرَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتِيلًا فِي بَنِي وَادِعَةَ، فبعث إليهم، وذلك بعد ما قَضَى النُّسُكَ وَقَالَ لَهُمْ: هَلْ عَلِمْتُمْ لِهَذَا الْقَتِيلِ قَاتِلًا مِنْكُمْ؟ قَالَ الْقَوْمُ: لَا، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُمْ خَمْسِينَ شَيْخًا، فَأَدْخَلَهُمْ الْحَطِيمَ، فَاسْتَحْلَفَهُمْ بِاَللَّهِ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَرَبِّ هَذَا الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ، أَنَّكُمْ لَمْ تَقْتُلُوهُ، وَلَا عَلِمْتُمْ لَهُ قَاتِلًا، فَحَلَفُوا بِذَلِكَ، فَلَمَّا حَلَفُوا قَالَ: أَدُّوا دِيَتَهُ مُغَلَّظَةً فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ، أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ دِيَةٌ، وَثُلُثُ دِيَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ سِنَانٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا تُجْزِئُنِي يَمِينِي مِنْ مَالِي؟ قَالَ: لَا، إنَّمَا قَضَيْتُ عَلَيْكُمْ بِقَضَاءِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذُوا دِيَتَهُ دَنَانِيرَ، وَثُلُثُ دِيَةٍ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عُمَرُ بْنُ صُبَيْحٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِعُمَرَ بْنِ صُبَيْحٍ، وَقَدْ خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ هَذِهِ رِوَايَةَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ١ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بين خيوان، ووداعة، أَنْ يُقَاسَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَقْرَبَ أَخْرَجَ إلَيْهِ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا، حَتَّى يُوَافُوهُ مَكَّةَ، فَأَدْخَلَهُمْ الْحِجْرَ، فَأَحْلَفَهُمْ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ، فَقَالُوا: مَا دَفَعَتْ أَمْوَالُنَا عَنْ أَيْمَانِنَا، وَلَا أَيْمَانُنَا عَنْ أَمْوَالِنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذَلِكَ الْأَمْرُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، فَقَالَ عُمَرُ: حَقَنْتُمْ دِمَاءَكُمْ بِأَيْمَانِكُمْ، وَلَا يُطَلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَافَرْتُ خيوان، ووداعة أربعة عشر سَفْرَةً، وَأَنَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ حُكْمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْقَتِيلِ، وَأَنَا أَحْكِي لَهُمْ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ، فَقَالُوا: هَذَا شَيْءٌ مَا كَانَ بِبَلَدِنَا قَطُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ٢ وَنَحْنُ نَرْوِي بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْمُدَّعِينَ، فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا، قَالَ: "فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا"، وَإِذْ قَالَ: تُبْرِئُكُمْ فَلَا تَكُونُ عَلَيْهِمْ غَرَامَةٌ، فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ الْأَنْصَارَ أَيْمَانَهُمْ، وَدَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى يَهُودَ وَالْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ شَيْئًا، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لَمَّا قَضَى بِالْقَسَامَةِ وَافَى إلَيْهِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَكَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، حَتَّى يُتِمَّ خَمْسِينَ ثُمَّ قَضَى بِالدِّيَةِ، وَعَنْ شُرَيْحٍ، وَالنَّخَعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، قُلْت: أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِنَقْصٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِي مَلِيحٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَدَّ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانَ، حَتَّى وَفَّوْا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ


١ وعند البيهقي في السنن في القسامة ص ١٢٤ ج ٨.
٢ كلام الشافعي هذا مذكور في السنن الكبرى للبيهقي: ص ١٤٢ ج ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>