للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ تَبُوكَ، وَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوك إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَسْلِمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَك مَا تَحْتَ يَدَيْك، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سَيَظْهَرُ إلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ". وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ. فَخَرَجَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ إلَى الْمُنْذِرِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ: فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوْصِ بِهِمْ خَيْرًا"، وَقَالَ لَهُ: "إنْ أَجَابَك إلَى مَا دَعْوَتُهُ إلَيْهِ، فَأَقِمْ حَتَّى يَأْتِيَك أَمْرِي، وَخُذْ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ"، قَالَ الْعَلَاءُ: فَاكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ كِتَابًا يَكُونُ مَعِي، فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَائِضَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْحَرْثِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، عَلَى وَجْهِهَا، وَقَدِمَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ عَلَيْهِ، فَقَرَأَ الْكِتَابَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مَا دَعَا إلَيْهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَأَكْرَمَ مَنْزِلَهُ. وَرَجَعَ الْعَلَاءُ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهُ، فَسُرَّ، انْتَهَى. ثُمَّ أَسْنَدَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ هَذَا الْكِتَابَ فِي كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَنَسَخْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، وَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إلَى الْإِسْلَامِ، فَكَتَبَ الْمُنْذِرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا بَعْدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي قَرَأْتُ كِتَابَك عَلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ١ فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ الْإِسْلَامَ، وَأَعْجَبَهُ، وَدَخَلَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَبِأَرْضِي مَجُوسٌ، وَيَهُودٌ، فَأَحْدِثْ إلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرًا، فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بسم الله الرحمن الرحيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، سَلَامٌ عَلَيْك، فَإِنِّي أَحْمَدُ إليك الله الذي لاإله إلَّا هُوَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَنْصَحْ، فَإِنَّمَا يَنْصَحُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ رُسُلِي، وَيَتَّبِعْ أَمْرَهُمْ، فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ نَصَحَ لَهُمْ، فَقَدْ نَصَحَ لِي، وَإِنَّ رُسُلِي قَدْ أَثْنَوْا عَلَيْك خَيْرًا، وَإِنِّي شَفَّعْتُك فِي قَوْمِك، فَاتْرُكْ لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، وَعَفَوْتُ عَنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَإِنَّك مَهْمَا تَصْلُحْ، فَلَنْ نَعْزِلَك عَنْ عَمَلِك، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ، أَوْ مَجُوسِيَّةٍ، فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ"، قَالَ: فَأَسْلَمَ الْمُنْذِرُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَمَاتَ قَبْلَ رِدَّةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ قَانِعٍ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ سَالِمٍ: وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ.

كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ: وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا٢ مِنْ حَدِيثِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ الله بن حذاقة السَّهْمِيَّ، مُنْصَرِفَهُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ، إلَى كِسْرَى، وَبَعَثَ مَعَهُ كتاباً مختوماً، فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، مَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إلَى كِسْرَى


١ قلت: وفي الطبقات لابن سعد ص ١٩ في القسم الثاني، من الجزء الأول: وأني قرأت كتابك على أهل هجر. اهـ.
٢ وعند ابن سعد في الطبقات مختصراً: ص ١٦، القسم الثاني، من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>