للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ١ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُد الْحَرَّانِيِّ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، وَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا ثُمَّ لَا يَخْلَعْهُمَا إنْ شَاءَ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَرُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهِ، قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى صَدُوقٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ. وَغَيْرُهُ. انْتَهَى. وَلَمْ يُعِلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّةِ الثَّلَاثِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ:٢هَذَا مِمَّنْ انْفَرَدَ بِهِ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ، وَأَسَدُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا مَدْخُولٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ تَفَرُّدِ أَسَدٍ بِهِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ ثَنَا حَمَّادٌ. الثَّانِي: أَنَّ أَسَدًا ثِقَةٌ، وَلَمْ يُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الضُّعَفَاءِ لَهُ ذِكْرٌ، وَقَدْ شَرَطَ ابْنُ عَدِيٍّ أَنْ يَذْكُرَ فِي كِتَابِهِ كُلَّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَذَكَرَ فِيهِ جَمَاعَةً مِنْ الْأَكَابِرِ وَالْحُفَّاظِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَسَدًا، وَهَذَا يَقْتَضِي تَوْثِيقَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ تَوْثِيقَهُ عَنْ الْبَزَّارِ، وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ، وَلَعَلَّ ابْنَ حَزْمٍ وَقَفَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ فِي تَارِيخِ الْغُرَبَاءِ أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً، وَأَحْسَبُ الْآفَةَ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَ كَلَامَهُ مِنْ هَذَا فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ مَنْ يُقَالُ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ كَمَنْ يُقَالُ فِيهِ: رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً، لِأَنَّ مُنْكَرَ الْحَدِيثِ وَصْفٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّرْكَ لِحَدِيثِهِ، وَالْعِبَارَةُ الْأُخْرَى تَقْتَضِي أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي حِينٍ لَا دَائِمًا، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ: يَرْوِي أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً، وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ فِي حَدِيثِ: إنَّمَا الأعمال بالنيات، وكذلك فِي زَيْدِ بْنِ أَبِي أنيسة: في بعض أحاديثه إنكاره، وَهُوَ مِمَّنْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ، وَهُمَا الْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ حَكَمَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّهُ ثِقَةٌ، وَكَيْفَ يَكُونُ ثِقَةً وَهُوَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ؟، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ٣ أَيْضًا عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ دِمَشْقَ، قَالَ: وَعَلِيَّ خُفَّانِ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَمْ لَك يَا عُقْبَةُ مُنْذُ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْك؟، فذكرت منذ يوم الْجُمُعَةِ مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ: أَحْسَنْت، وَأَصَبْت السُّنَّةَ، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ


١ في باب أحكام التيمم ص ١٨١ والدارقطني في سننه ص ٧٥ عن عبد الغفار بن داود به.
٢ في المحلى ص ٩٠ - ج ٢، قال الحافظ في الدراية: أخطأ ابن حزم، فإن أسداً لم يتفرد به، اهـ.
٣ فيباب أحكام التيمم ص ١٨٠ - ج ١، والطحاوي في شرح الآثار ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>