للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، وَأَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَمْ أَجِدْ فِي تَضْعِيفِهِ غَيْرَ هَذَا، وَلَهُ أَحَادِيثُ غَرَائِبُ حِسَانٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثَهُ، أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ عن هرير. انتهى.

حَدِيثٌ آخَرُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُمْ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ، السَّرَقُسْطِيُّ١ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ثنا الْمُعْتَمِرُ سَمِعْت بَيَانًا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَفْسَحُ الْبَصَرُ، انْتَهَى. قَالَ: فَقَالَ: فَسَحَ الْبَصَرُ. وَانْفَسَحَ: إذَا رَأَى الشَّيْءَ عَنْ بُعْدٍ يَعْنِي بِهِ إسْفَارَ الصُّبْحِ انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ المغرب والعشاء بجَمْع، ويصلي صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا، انْتَهَى. قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَعْنِي وَقْتَهَا الْمُعْتَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا أَنَّهُ صَلَّاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا غَلَّسَ بِهَا جِدًّا، وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ٣ وَالْفَجْرُ حِينَ بَزَغَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُسْفِرُ بِالْفَجْرِ دَائِمًا، وَقَلَّمَا صَلَّاهَا بِغَلَسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ لِأَصْحَابِنَا، وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ٤ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ، انْتَهَى. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ٥: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِسْفَارِ وَالتَّغْلِيسِ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِسْفَارَ أَفْضَلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَأَصْحَابُهُ. وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَأَهْلُ الْكُوفَةِ أَخْذًا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّغْلِيسَ أَفْضَلُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ. وَأَحْمَدُ أَخْذًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: كُنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ٦. وَمُسْلِمٌ، قَالَ: وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِسْفَارِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ التَّغْلِيسِ، وَأَنَّ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَفْضَلِ بِخِلَافِ حَدِيثِ رَافِعٍ، أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْخُلُونَ مُغَلِّسِينَ، وَيَخْرُجُونَ مُسْفِرِينَ، قَالَ: وَالْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ


١ هو ابن حزم، وسرقسطة بلدة بالأندلس قابوس.
٢ في الحج - في باب من يصلي الفجر بجمع ص ٢٢٨، والمسلم في الحج - في استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر ص ٤١٧.
٣ في باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما ص ٢٢٧ - ج ١.
٤ ص ١٠٩.
٥ في باب الإسفار في صلاة الفجر ص ٧٥.
٦ في المواقيت - في باب وقت الفجر ص ٨٢، ومسلم في باب استحباب التبكير بالصبح ص ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>