للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ: الْبَصَرُ عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَمْلَاكٍ، يَذُبُّونَ عَنْهُ، كَمَا يَذُبُّ عَنْ قَصْعَةِ الْعَسَلِ الذُّبَابُ فِي الْيَوْمِ الصَّائِفِ، وَلَوْ وُكِّلَ الْعَبْدُ إلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَاخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} : حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْقُشَيْرِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ كِنَانَةَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْعَبْدِ، كَمْ مَعَهُ مَلَكٌ؟ فَقَالَ: "عَلَى يمينك ملك على حساتك، وَهُوَ أَمِينٌ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ، فَإِذَا عَمِلْت حَسَنَةً كُتِبَتْ عَشْرًا، وَإِذَا عَمِلْت سَيِّئَةً، قَالَ الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ لِلَّذِي عَلَى الْيَمِينِ: أَكْتُبُ؟ فَيَقُولُ لَهُ: لَا، لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ، فَإِذَا قَالَ ثَلَاثًا، قَالَ: نَعَمْ، اُكْتُبْ أَرَاحَنَا اللَّهُ مِنْهُ، فَبِئْسَ الْقَرِينُ، مَا أَقَلَّ مُرَاقَبَتَهُ لله، وأقل استحياؤه مِنَّا، يَقُولُ اللَّهُ: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، وَمَلَكَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْك وَمِنْ خَلْفِك! يَقُولُ اللَّهُ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وَمَلَكٌ قَابِضٌ عَلَى نَاصِيَتِك، فَإِذَا تَوَاضَعْت لِلَّهِ رَفَعَك، وَإِذَا تَجَبَّرْت عَلَى اللَّهِ قَصَمَك، وَمَلَكَانِ عَلَى شَفَتَيْك، لَيْسَ يَحْفَظَانِ عَلَيْك إلَّا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَمَلَكٌ قَائِمٌ عَلَى فِيك، لَا يَدَعُ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَّةُ فِي فِيك، وَمَلَكَانِ عَلَى عَيْنَيْك، فَهَؤُلَاءِ عَشْرَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى كُلِّ ابْنِ آدَمَ يَتَبَدَّلُونَ، مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ عَلَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، لِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ سِوَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، فَهَؤُلَاءِ عِشْرُونَ مَلَكًا، عَلَى كُلِّ آدَمِيٍّ، وَإِبْلِيسُ بِالنَّهَارِ، وَوَلَدُهُ بِاللَّيْلِ"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: حَدِيثُ: تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ، قُلْت: تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى فَرِيضَةِ السَّلَامِ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ كَانَ لَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِهِ، وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ، فَقَالَ: إنَّ الدُّخُولَ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَأْمُورِ بِهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ مِنْهَا، فَقَدْ يَصِحُّ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ، كَمَا فِي النِّكَاحِ. وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَهَى أَنْ يَعْقِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَهِيَ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ، حَتَّى لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إلَّا بِطَلَاقٍ لَا إثْمَ فِيهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَوْ وَهِيَ حَائِضٌ صَحَّ، وَلَزِمَهُ، مَعَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حَيْثُ نَهَى عَنْهُ، قَالَ: وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ١ رُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ غَيْرُ فَرْضٍ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ


١ أثرُ علي هذا، أخرجه الطحاوي: ص ١٦١، والشافعي في الإمام ص ١٥٣ - ج ٧، والدارقطني: ص ١٣٨، وقال أبو حاتم في العلل ص ١١٣: حديث منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>