للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ مِنْ هَذَا، إلَّا أَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الِانْقِطَاعِ، فَإِنَّ شَيْخَ الشَّافِعِيِّ فِيهِ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَفِيهِ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، يَأْتِي بِالطَّامَّاتِ، وَقَالَ الْفَلَّاسُ: كَانَ مُخْتَلِطًا لَا يُرْوَى عَنْهُ، وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُد حَدِيثًا مَقْرُونًا بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، لِأَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُمْ رَكْعَتَانِ، وَالْقَصْرُ عَزِيمَةٌ، فَإِنْ صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا، وَقَعَدَ فِي الْأُولَى صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَكَانَتْ الْأُخْرَيَانِ لَهُ نَافِلَةً، وَقَدْ ذَهِلَ عَنْ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ، وَقَالُوا: لَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِمْ، إلَّا بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، أَوْ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَدْ أَجَابَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِالنَّسْخِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نِزَاعُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الطَّحَاوِيَّ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقْتًا، كَانَتْ الْفَرِيضَةُ تُصَلَّى مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ يُفْعَلُ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ١، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: نهى أن يصلى فَرِيضَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَالنَّهْيُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْإِبَاحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَحَادِيثُ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مَرَّتَيْنِ فِي الْمَسَاجِدِ: مَنَعَهَا مَالِكٌ، وَأَجَازَهَا الْبَاقُونَ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "كِتَابِهِ٢" عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَقَالَ: "أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا، فَيُصَلِّي مَعَهُ؟! "، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ. وَالْحَاكِمُ فِي "صِحَاحِهِمْ"، قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يخرجه، وسليمان الأسود، هو ابْنُ سُخَيْمٍ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وَأَبِي مُوسَى. وَالْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ لَهُ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَيُّكُمْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا؟ " فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ٣ أَنَّ الَّذِي قَامَ فَصَلَّى مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ٤" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ حَمَّادِ


١ قلت: يرده ما قال ابن حزم في "المحلى" ص ٢٢٧ ج ٤، فهذا آخر فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن أبا بكرة شهده، وإنما كان إسلامه يوم الطائف، بعد فتح مكة، وبعد حنين، اهـ. وأيضاً قد أخرج ابن حزم باسناده عن أبي بكرة أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف، فذكر الحديث.
٢في "باب الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة" ص ٣٠، والحاكم في "المستدرك" ص ٢٠٩، وأبو داود ص ١١ في "باب إذا يجمع في المسجد مرتين" ص ٩٢، وابن جارود في "المنتقى" ص ١٦٨، والدارمي: ص ١٦٥، وسيأتي الحديث: ص ٢٩١.
٣ في "السنن" ص ٧٠.
٤ في "باب الصلاة في جماعة" ص ١٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>