للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي "الْإِمَامِ": وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِدُونِ سُتْرَةٍ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد١ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ فِي بادية، ومعه عَبَّاسٍ، فَصَلَّى فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، وَحِمَارَةٌ. وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يديه، فما بال ذَلِكَ، انْتَهَى. وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَيْت أَنَا. وَالْفَضْلُ، عَلَى أَتَانٍ، فَمَرَرْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، لَيْسَ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ، وَيَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، انْتَهَى. وَلَكِنْ رَوَى الْبُخَارِيُّ٢ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ، فَقَامَ، فَتَوَضَّأَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ: الْحِمَارُ. وَالْكَلْبُ لَا يَمْنَعُ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، مُخْتَصَرٌ، فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْكَلْبَ. وَالْحِمَارَ، مَرَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، دُونَ السُّتْرَةِ، إذْ لَا يُقَالُ: مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا، لِشَيْءٍ يَمُرُّ مِنْ وَرَاءِ السُّتْرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ، فَلْيَدْنُ مِنْهَا"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَمِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.

أَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٣ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ، فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَمُسْلِمٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ، فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ، فَلْيَدْنُ منهان فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ" انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد٤


١ في "باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة" ص ١١١.
٢ في "باب سترة الإمام سترة من خلفه" ص ٧١،ومسلم: ص ١٩٦ أخرج الحديث البخاري في مواضع، وفيه، في "اللباس": رأيت الناس، والدواب يمرون بين يديه، من وراء العنزة، وفي لفظ لهما: وبين يديه عنزة، والمرأة. والحمار يمران من روائها، اهـ. وهذا يخالف ما ظنه المؤلف ظاهراً، والله أعلم.
٣ في "باب الدنو من السترة" ص ١٠٨، وكذا النسائي ص ١٢٣، والحاكم في "المستدرك" ص ٢٥١.
٤ في "باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه" ص ١٠٨، وابن ماجه في "باب ادرأ ما استطعت" ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>