للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا ابْنُ الْقَطَّانِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ عِلَّتَيْنِ: عِلَّةً فِي إسْنَادِهِ. وَعِلَّةً فِي مَتْنِهِ، أَمَّا الَّتِي فِي إسْنَادِهِ، فَقَالَ: إنَّ فِيهِ ثَلَاثَةَ مَجَاهِيلَ: فَضُبَاعَةُ١ مَجْهُولَةُ الْحَالِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهَا. وَكَذَلِكَ الْمُهَلَّبُ بْنُ حُجْرٌ مَجْهُولُ الْحَالِ. وَالْوَلِيدُ بْنُ كَامِلٍ مِنْ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَمْ يَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّوَايَةِ كَثِيرُ شَيْءٍ، يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حَالِهِ، وَأَمَّا الَّتِي فِي مَتْنِهِ، فَهِيَ أَنَّ أَبَا عَلِيِّ بْنَ السَّكَنِ رَوَاهُ فِي "سُنَنِهِ" هَكَذَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَلَبِيُّ ثَنَا أَبُو تَقِيٍّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَامِلٍ ثَنَا الْمُهَلَّبُ بْنُ حُجْرٌ الْبَهْرَانِيُّ عَنْ ضُبَيْعَةَ بِنْتِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى عَمُودٍ. أَوْ سَارِيَةٍ. أَوْ شَيْءٍ. فَلَا يَجْعَلُهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ، وَلْيَجْعَلْهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْسَرِ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُد عَنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَامِلٍ، فَغَيَّرَ إسْنَادَهُ وَمَتْنَهُ، فَإِنَّهُ عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهَا، وَهَذَا الَّذِي رَوَى بَقِيَّةُ هُوَ عَنْ ضُبَيْعَةَ بِنْتِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهَا، وَذَاكَ فِعْلٌ. وَهَذَا قَوْلٌ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: فَمَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَتْنِ، بَقِيَّةُ يَقُولُ: ضُبَيْعَةُ بِنْتُ الْمِقْدَامِ، وَابْنُ عَيَّاشٍ يَقُولُ: ضُبَاعَةُ بِنْتُ الْمِقْدَادِ، فَالْوَهَنُ مِنْ حَيْثُ هُوَ اخْتِلَافٌ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ كَامِلٍ، وَمُوَرِّثٌ لِلشَّكِّ فِيمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ الْوَلِيدِ فِي نَفْسِهِ، وَالْجَهْلُ بِحَالِ مَنْ فَوْقَهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْمُهَلَّبَ بْنَ حُجْرٌ، ذَكَرَهُ بِرِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ كَامِلٍ، وَأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ، وَأَمَّا ضُبَيْعَةُ بِنْتُ الْمِقْدَامِ، فَجَاءَ هُوَ بِأَمْرٍ ثَالِثٍ، وَذَلِكَ كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى الِاضْطِرَابِ، وَالْجَهْلِ بِحَالِ الرُّوَاةِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ إلَى عَنَزَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَالْمَرْأَةُ. وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا.

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ، لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ: قَالَ عليه السلام: "فَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ"، قُلْت: تَقَدَّمَ لِأَبِي دَاوُد٣ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا: "لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ"، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ: "لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ"، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ٤ وَمُسْلِمٌ عَنْ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ


١ في "التقريب": "لا تعرف".
٢ في "باب الصلاة إلى العنزة" ص ٧١، ومسلم: ص ١٩٦.
٣ في "باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء، ص ١١١، وتقدم في: ص ٢٥٩، حديث الخدري. وابن عمر. وجابر، في "الحديث الثاني والسبعون".
٤في "باب يرد المصلي من مرّ بين يديه" ص ٧٣، ومسلم في "باب سترة المصلي" ص ٩٦، واللفظ له، والطحاوي: ص ٢٥٧ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>