للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يَعْنِي لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ١" عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْرِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَمُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَلَفْظُهُ: قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ٢ انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ، فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَكَانَ يَنْهَضُ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّكْبِيرِ، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: حَدِيثُ عَائِشَةَ٣، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْوِتْرِ "بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وسبح اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى"، وَفِي الثانية "بقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"، وَفِي الثالثة


كراهية الاكتفاء بالثلاث، فما ظنك بالاكتفاء بركعة؟!، وقد قال ابن الصلاح، فيما نقل عنه الحافظ في "تلخيص الحبير" ص ١١٦: لا نعلم في روايات الوتر مع كثرتها أنه عليه السلام أوتر بركعة، فحسب، والله أعلم، وعلمه أحكم.
١ في "باب كيف الوتر بثلاث" ص ٢٤٨ من طريق بشير بن المفضل عن سعيد بن عروبة، وتابع بشيراً عيسى بن يونس، عند الحاكم في "المستدرك" ص ٣٠٤، ويزيد بن زريع. وأبو بدر، شجاع بن الوليد، عند الدارقطني: ص ١٧٥، وكلهم رووا عنه، قبل الاختلاط، كما في "فتح المغيث"، وأبو بدر فقط، عند الطحاوي: ص ١٦٥ ج ١، وعبد الوهاب بن عطاء، عند البيهقي: ص ٣١ ج ٣، وقال النووي في "شرح المهذب" ص ٧ ج ٤: رواه النسائي باسناد حسن، والبيهقي في "السنن الكبير" باسناد صحيح، اهـ.
٢ قوله: لا يسلم إلا في آخرهن، أقول لحديث عائشة طريقان: طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، روى عنه يزيد بن زريع، وهو من أثبت الناس في سعيد، قاله النسائي في "كتاب الضعفاء" ص ٣١، وبشير بن المفضل يروى عنه عن سعيد، البخاري في "صحيحه"، وعيسى بن يونس يروى عنه عن سعيد، مسلم في "صحيحه"، فهؤلاء قدماء أصحاب سعيد، وسعيد وإن كان مدلساً، ولكن صرح بالتحديث، عند الدارقطني في رواية يزيد، عنه، ولفظه: كان لا يسلم في ركعتي الفجر، اهـ. والطريق الثاني: طريق أبان، عند البيهقي: ص ٣٨ ج ٣، ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بثلاث، لا يقعد إلا في آخرهن، وهذه الرواية في "المستدرك" أيضاً، واختلفت كلمة ناظري "المستدرك" في لفظها، نقل عنه الحافظ في "الفتح" ص ٤٠٠ ج ٢، و"التلخيص" ص ١١٦ بلفظ البيهقي، وأما الشيخ المخرج. والعيني في "البناية" ص ٨٢٣ ج ١. وابن الهمام في "الفتح" ص ٣٠٣، ومرتضى الزبيدي في "عقود الجواهر المنيفة" ص ٦١، فذكروا بلفظ: لا يسلم إلا في آخرهن، وهذا اللفظ هو المذكور في "المستدرك المطبوع"، وبهذا اللفظ ذكر الحافظ في "الدراية ص ١١٤، فكأن نسخ "المستدرك" فيه مختلفة، وأياً ما كان طريق سعيد، هو المحفوظ، لأنه ثقة حافظ" أثبت الناس في قتادة، وأما رواية أبان على لفظ الشيخ، فهو موافق له، وأما بلفظ البيهقي في "سننه" فقد قال في "سننه" ص ٣١ ج ٣، ورواية أبان خطأ، والله أعلم، اهـ.
٣ وحديث أبي بن كعب، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في "الوتر سبح اسم ربك الأعلى" وفي الركعة الثانية "بقل يا أيها الكافرون" وفي الثالثة "بقل هو الله أحد" ولا يسلم إلا في آخرهن، رواه النسائي: ص ٢٤٩، وفي رواية: "فإذا فرغ قال عند فراغه: سبحان الملك" الحديث، وقيل: فيه دلالة أيضاً على عدم فراغه من الركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>