للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ١ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُبْحَةِ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا، انْتَهَى. وَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْت عَائِشَةَ، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ، انْتَهَى. فَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": يَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ فِي الْإِنْكَارِ عَنْ رُؤْيَتِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا. وَفِي الْآخَرِ بِغَيْرِ الْمُشَاهَدَةِ، إمَّا مِنْ خَبَرِهِ عليه السلام، أَوْ خَبَرِ غَيْرِهِ عَنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ إنْكَارُهَا، أَيْ مُوَاظِبًا عَلَيْهَا، وَمُعْلِنًا بِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْكَارُ إنَّمَا هُوَ لِصَلَاةِ الضُّحَى الْمَعْهُودَةِ عِنْدَ النَّاسِ، عَلَى الَّذِي اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ، مِنْ صَلَاتِهَا ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، وَأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ، فَيُصَلِّيهَا مَرَّةً أَرْبَعًا، وَمَرَّةً سِتًّا، وَمَرَّةً ثَمَانِيَةً، وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ، وَقَدْ رَأَى جَمَاعَةٌ أَنْ يصلي فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، لِيُخَالِفَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ". قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ٢ عَنْ عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا أَعْلَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَنَّاهُ، وَمَا أَخْفَاهُ أَخْفَيْنَاهُ لَكُمْ، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَلَيْسَ الْحَدِيثُ بِصَرِيحٍ فِيهِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ حَدِيثُ: الْمُسِيءُ صَلَاتَهُ، أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ٣" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: أَنَّهُ عليه السلام، قَالَ لَهُ: "إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ"، وَفِي آخِرِهِ: "ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا"، وَحَدِيثُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَيْضًا، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ٤، وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُ: "إذَا اسْتَقْبَلْت الصَّلَاةَ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْت"، وَفِي آخِرِهِ، "ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي حَدِيثِ: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ مَعَهَا"، وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، لَيْسَ فِيهِ: "ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


١ وأخرج أحمد في "مسنده" ص ١٥٥ ج ٢ من حديث ابن عمر أنه قال: بدعة، وكذا البخاري في "باب كم اعتمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص ٢٣٨، ومسلم في "باب بيان عدد عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص ٤٠٩ ج ١.
٢ في"باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة" ص ١٧٠ قلت: قال الحافظ في "الفتح" ص ٢٠٩ ج ٢: قد أنكر الدارقطني على مسلم، وقال: إن المحفوظ عن أبي أسامة وقفه، كما رواه أصحاب ابن جريج.
٣ البخاري في "باب وجوب القراءة للامام والمأموم" ص ١٠٥، ومسلم في "باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة" ص ١٧٠ ج ٤.
٤ ص ٣٤٠ ج ٤، وروى أبو داود عن أبي سعيد عن أبي هريرة، وفيه: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها، اه، وأخرجه الدارمي، في: ص ١٥٨، وفيه: فوصف الصلاة هكذا: أربع ركعات حتى فرغ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ص ٢٤١ ج ١ بلفظ الدارمي، إلا أنه لم يذكر أربع ركعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>