للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كِتَابِ الْآثَارِ١" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: إذا كنت مسافر فَوَطَّنْتَ نَفْسَكَ عَلَى إقَامَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَأَتْمِمْ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي، فَاقْصِرْ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. وَقَدَّرَهَا الشَّافِعِيُّ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ نَوَاهَا صَارَ مُقِيمًا، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ. قُلْت: كَمْ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ٢، وَلَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى السَّفَرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. أَوْ الثَّالِثِ، وَاسْتَمَرَّ بِهِمْ ذَلِكَ إلَى عَشْرٍ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمْ نَوَوْا الْإِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَجْلِ قَضَاءِ النُّسُكِ، نَعَمْ كَانَ يَسْتَقِيمُ هَذَا لَوْ كَانَ الْحَدِيثُ فِي قَضِيَّةِ الْفَتْحِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ٣، وَكَانَ فِي الْفَتْحِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، أَقَامَ بِمَكَّةَ٤ عَامَ الْفَتْحِ. وَالْآخَرُ: حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ، وَكَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ٥، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": حَدِيثُ أَنَسٍ يُخْبِرُ عَنْ مُدَّةِ مُقَامِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْأَحَدِ، وَبَاتَ بِالْمُحَصَّبِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَعْمَرَتْ عَائِشَةُ مِنْ التَّنْعِيمِ، ثُمَّ طَافَ عليه السلام طَوَافَ الْوَدَاعِ، سَحَرًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَخَرَجَ صَبِيحَتَهُ، وَهُوَ الرَّابِعَ عَشَرَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَغَيْرُهُ، فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ مُدَّةِ مُقَامِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ زَمَنِ الْفَتْحِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد. وَالْبَيْهَقِيِّ٦ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَإِسْنَادُهَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ٧ لَهُمَا مُرْسَلَةٍ ضَعِيفَةٍ: خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي رِوَايَةٍ٨ لَهُمَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهِيَ


١ "كتاب الآثار باب الصلاة في السفر".ص٣٤.
٢ البخاري في "المغازي في باب مقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة زمن الفتح" ص ٦١٥، وفي "التقصير" ص ١٤٧، ومسلم في "صلاة المسافرين" ص ٢٤٣ ج ١، وفي رواية له "إلى الحج" وأبو داود في "باب متى يتم المسافر" ص ١٨٠ ج ١، والنسائي في "كتاب التقصير" ص ٢١١، وص ٢١٢، والترمذي: ص ٧١، وابن ماجه: ص ٧٦.
٣ البخاري في "المغازي" ص ٦١٥، وفي "التقصير" ص ١٤٧، وابن ماجه في "باب كم يقصر الصلاة المسافر إذا أقام ببلدة" ص ٧٦، والبيهقي: ص ١٥٠ ج ٣، وفيه التصريح بزمن الفتح.
٤ هو عند أحمد في: ص ٣١٥ ج ١.
٥ وهو صريح في بعض الطرق، عند مسلم.
٦ أبو داود في "باب متى يتم المسافر" ص ١٨٠، والبيهقي: ص ١٥١ ج ٣ من طريق أبي داود. وأحمد: ص ٣١٥، وفيه أقام بمكة عام الفتح.
٧ أبو داود: ص ١٨٠، والبيهقي: ص ١٥١ ج ٣، والنسائي: ص ٢١٢، وابن ماجه: ص ٧٦، والطحاوي: ص ٢٤٢، كلهم مسنداً.
٨ أبو داود: ص ١٨١، والبيهقي: ص ١٥١ ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>