للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُمُّوا، أَوْ لَمْ يُسَمَّوْا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" وَسَمَّى الصَّحَابِيَّ، فَقَالَ: عَنْ رِبْعِيٍّ بن خراش عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطَيْهِمَا، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ، وَثَلَاثًا بَعْدَهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ. وَسُورَةً، وَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا بَعْدَهَا، وَيُكَبِّرُ رَابِعَةً، يَرْكَعُ بِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ١ وَهُوَ قَوْلُنَا، قُلْت: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ. وَالْأَسْوَدِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، تِسْعًا تِسْعًا: أَرْبَعٌ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، فَيَرْكَعُ. وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ، فَإِذَا فَرَغَ، كَبَّرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ رَكَعَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ٢ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا، وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَلْ الْأَشْعَرِيَّ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: سَلْ عَبْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَقْدَمُنَا، وَأَعْلَمُنَا، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثم يكبر، فَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ، فَيَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى.


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً، فان قلت: فرق بينهما، لأن التوثيق يختلف فيه، لأنه شهادة علمي، وليس كذلك، قوله: عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن مبناه الحسن، قلت: هذا قول من لم يمارس كتب الرجال، وطبقات أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن اختلافهم في هذا ليس بأقل من اختلافهم في ذلك، وكأيّن من رجل يظنه بعضهم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو فيه خاطئ، يخالفه غيره، وههنا شيء آخر وهو أن من رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمع منه، وكذا من رآه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صباه، ولم يكن يميز، هما رجلان من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يقبل مرسل الأول من يرد المراسيل بغير مراسيل الصحابة، ذكره الحافظ في "الفتح" ص ٢ ج ٧، وكذا الثاني، ذكره السخاوي في "فتح المغيث" ص ٦٣، فما يدري أن الرجل الذي أبهمه التابعي من أي نوع من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللبيهقي ههنا مسلك آخر: أنه روى في "سننه الكبرى" ص ٨٣ ج ١ عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أنس، حديث: اللمعة، وقال: هو مرسل، اهـ، وروى في: ص ١٨٣ ج ٣ عن طارق بن شهاب عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث: زمِن لا يلزمه الجمعة، وقال: هذا الحديث، وإن كان فيه إرسال، فهو مرسل جيد، فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمع منه، اهـ، وروى: ص ١٩٠ ج ١ عن حميد بن عبد الرحمن، قال: لقيت رجلاً صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما صحب أبو هريرة أربع سنين، قال: نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث، وقال: هذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميداً لم يسم الصحابي الذي حدثه، فهو المرسل، إلا أنه مرسل جيد، لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، اهـ، فإن كل ما ذكرت من أقواله، وما ذكره الإِمام المخرج من قوله مشكل، لأنه إن اكتفى بقول التابعي في ثبوت صحبة الرجل الذي لم يسمه، فما معنى الارسال بعده؟ لا سيما في قوله: لقيت رجلاً صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع سنين، وإن لم يكف، فما معنى قوله: إنه مرسل جيد، لأن الرجل مجهول، بعد، فالموافق للأدلة، قول ابن حزم، والله أعلم.
وقال البيهقي في: ص ٢٤٩ ج ٤: وتمامه عمومة له من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم ثقات، سموا أو لم يسموا.
١ قال الحافظ في "الدراية": وكذا رواه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح، اهـ.
٢ ذكره ابن حزم في "المحلى" ص ٨٣ ج ٦، وقال: هذا إسناد في غاية الصحة، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>