للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. وَفِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ يُفَسِّرُ١ لَفْظَ "الصَّحِيحَيْنِ" بِخُسُوفِ الْقَمَرِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ. وَسَمُرَةُ الْإِخْفَاءَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ.

قُلْت: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"٢، وَكَذَلِكَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" حدثنا حسن بن مُوسَى الْأَشْيَبِ أَنْبَأَ ابْنُ لَهِيعَةَ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُسُوفَ، فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِيهَا حَرْفًا مِنْ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ عِكْرِمَةَ" مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْت إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ، فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ قِرَاءَةً، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ عَدَدٌ، وَرِوَايَتُهُمْ تُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عليه السلام قَرَأَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، هَكَذَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَرَأَ، إذْ لَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِغَيْرِهِ، وَيَدْفَعُ حَمْلَهُ عَلَى الْبَعْدِ، رِوَايَةُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ: صَلَّيْت إلَى جَنْبِهِ، وَيُوَافِقُ أَيْضًا رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ، وَيُوَافِقُ أَيْضًا حَدِيثَ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ٣، وَإِنَّمَا الْجَهْرُ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَطْ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ، مِنْ الْوَاحِدِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ، وَهُوَ الَّذِي، أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَرَأَ، إذْ لَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِغَيْرِهِ، هَكَذَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ

عَنْهُ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي "شَرْحِ مُسْلِمٍ": هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ: يُخْفِي الْقِرَاءَةَ، لِأَنَّهُ لَوْ جَهَرَ لَعُلِمَ مَا قَرَأَ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْإِسْرَارِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى قَوْلِ عَائِشَةَ٤ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ،


١ هذا التفسير فسر به النووي في "المجموع" ص٤٦ –ج٥
٢ ص ٢٩٣، وص ٣٥٠، والطحاوي: ص ١٩٧، والبيهقي: ص ٣٣٥ ج ٣.
٣ البخاري في "باب صلاة الكسوف جماعةط ص ١٤٣، ومسلم: ص ٢٩٨، وبهذا اللفظ أخرج أبو داود في: ص ١٧٥: من حديث أبي هريرة أيضاً.
٤ أبو داود في "باب القراءة في صلاة الكسوف" ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>