للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ الضُّعَفَاءِ الْمَجْهُولِينَ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ غَلَطًا، لِمُخَالَفَتِهِمَا الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ كَانَ قَدْ شَهِدَ الْقِصَّةَ، وَأَمَّا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَكَأَنَّهُ عليه السلام وَقَفَ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَدَعَا لَهُمْ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى نَسْخٍ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ١ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ عليه السلام عَلَى أَعْرَابِيٍّ أَصَابَهُ سَهْمٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ حَيًّا حَتَّى انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ، وَنَحْنُ نُصَلِّي عَلَى الْمُرَيَّثِ٢، وَعَلَى الَّذِي يُقْتَلُ ظُلْمًا فِي غَيْرِ مَعْرَكٍ، انْتَهَى. قُلْت: يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَعَلَى آخَرَ مَعَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً، كَمَا تَقَدَّمَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. وَغَيْرِهِ وَأَمَّا كَوْنُ شُهَدَاءِ أُحُدٍ كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا فَمُسَلَّمٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ، نَقْلًا عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، وَسَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"٣: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ رَجُلًا، مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ. وَشِمَاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الْأَسَدِيُّ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلًا: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ"٤ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ٥ عند شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ التَّابِعِيِّ٦ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ


١ قاله البيهقي في "السنن" ص ١٦ ج ٤ بمعناه.
٢ "المريث" كذا في نسخة الدار، وكان صحح قبله في المطبوع "الموتى" ولعل الأول هو الأنسب بالمقام "البجنوري".
٣ ابن سعد في "الطبقات" ص ٩ ج ٣، القسم الأول.
٤ أبو داود في "المراسيل" ص ٤٦.
٥ النسائي في "باب الصلاة على الشهيد" ص ٣٧٧، والطحاوي: ص ٢٩١، ورواته ثقات، وإسناده صحيح، والحاكم في "المستدرك" ص ٥٩٥ ج ٣، والبيهقي: ص ١٥ ج ٤، وقال: يحتمل أنه بقي حياً حتى انقطعت الحرب، ثم مات.
٦ قوله: شداد بن الهاد التابعي، ظني أنه مصحَّف الأصل: الليثي، لأن شداد بن الهاد هذا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، معروف، ذكره الحاكم في "المستدرك" ثم روى حديثه هذا. ولعل التصحيف من قديم، فإن الشوكاني الذي عدة اجتهاده الزيلعي، تم "التلخيص" قال في "النيل" ص ٣٧ ج ٤: أما حديث شداد ابن الهاد فهو مرسل، لأن شداداً تابعي، اهـ. وقد صرح الحافظ في غير موضع من "الفتح" أن ابنه عبد الله صحابي: وهو ابن أخت ميمونة رضي الله عنهما، قلت: إن شداداً سلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانت عنده سلمى بنت عميس، خلف عليها بعد حمزة رضي الله عنه، قاله الحاكم. وابن سعد: ص ٢٠٩ ج ٨، فولدت له عبد الله ابن شداد، وأعجب من قول الشوكاني، ما قال النووي في "شرح المهذب" ص ٢٦٥ ج ٥، فإنه قال مثله، فلعل الزيلعي تبع النووي، وتبعهما الشوكاني، والغلط من النووي، ثم الزيلعي، ويؤيده هذا عده حديث شداد في عداد المراسيل، ولولا الخطأ منه، لذكره فيما قبل، حيث ذكر الموصولات، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>