للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ شَعُوبٍ بِالرُّمْحِ، فَقَتَلَهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنِّي رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، بِمَاءِ الْمُزْنِ، فِي صِحَافِ الْفِضَّةِ"،قَالَ أَبُو أَسِيد السَّاعِدِيُّ: فَذَهَبْنَا، فَنَظَرْنَا إلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، قَالَ أَبُو أَسِيد: فَرَجَعْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ١ عَنْ الْحَجَّاجِ٢ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ الْوَاهِبِ، وَهُمَا جُنُبَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: "إنَّى رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُمَا" انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سننه٣" من حديث أبو شَيْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بِهِ، نَحْوَهُ، وَالسَّنَدَانِ ضَعِيفَانِ، وَخَبَرُ حَمْزَةَ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ رحمه الله فِي "الْمَغَازِي"، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَمْزَةَ، لِأَنَّهُ كَانَ جُنُبًا ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَمْ يُغَسِّلْ الشُّهَدَاءَ"، وَقَالَ: "لُفُّوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، وَجِرَاحِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي٤" حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إنَّ صَاحِبَكُمْ "يَعْنِيَ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ" لَتُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ؟ " فَقَالَتْ: إنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ حِين سَمِعَ الْهَائِعَةَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ"، وَذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي "السِّيرَةِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ" مِنْ قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ، لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ، قَالَ: وَيُقَالُ: الْهَائِعَةُ، وَالْهَيْعَةُ: وَهِيَ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ عِنْدَ الْفَزَعِ، قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ، إذَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إلَيْهَا"، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما، فِي الْجُنُبِ يُغَسَّلُ، وَمَالِكٌ. وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهما، مَعَ الصَّاحِبَيْنِ رحمهم الله.


١ أخرج الحاكم في "المستدرك" ص ١٩٥ ج ٣ عن ابن عباس، قال: قتل حمزة رضي الله عنه جنباً، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غسلته الملائكة"، قال: صحيح، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في "مختصره" فقال: معلى بن عبد الرحمن الواسطي هالك، اهـ، وابن سعد في "الطبقات" ص ٩ ج ٣ الجزء الأول أخبرنا محمد ابن عبد الله الأنصاري حدثني أشعث، قال: سئل الحسن أيغسل الشهداء؟ قال: نعم، قال: وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة"، اهـ.
٢ قال الحافظ في "التلخيص" ص ٥٩: في إسناد الطبراني حجاج، وهو مدلس.
٣ البيهقي: ص ١٥ ج ٤، وقال: أبو شيبة ضعيف.
٤ ورواه البيهقي في "السنن" ص ١٥ ج ٤ عن ابن إسحاق عن عاصم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحديث، وقال: مرسل، وذكره ابن هشام في "السيرة" ص ١٣٣ ج ٢، بلا إسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>