الميثاق، كتب ذلك العهد في رقّ، ثم استودعه هذا الحجر، فمن ثمّ يقول من يستلمه: وفاء بعهدك. فمستلم الحجر يبايع الله على اجتناب معاصيه، والقيام بحقوقه {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}[الفتح: ١٠].
يا معاهدينا على التّوبة، بيننا وبينكم عهود أكيدة، أوّلها: يوم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}[الأعراف: ١٧٢]؟ فقلتم: بلى. والمقصود الأعظم من هذا العهد {أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ}[يوسف: ٤٠]. وتمام العمل بمقتضاه أن اتّقوا الله حقّ تقواه.
وثانيها: يوم أرسل إليكم رسوله وأنزل عليه في كتابه {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة: ٤٠].
قال سهل التّستريّ: من قال لا إله إلاّ الله فقد بايع الله، فحرام عليه إذا بايعه أن يعصيه في شيء من أمره، في السر والعلانية، أو يوالي عدوّه، أو يعادي وليّه.
يا بني الإسلام من علّمكم … بعد إذ عاهدتم نقض العهود
كلّ شيء في الهوى مستحسن … ما خلا الغدر وإخلاف الوعود
وثالثها: لمن حجّ إذا استلم الحجر فإنّه يجدّد البيعة، ويلتزم الوفاء بالعهد المتقدّم، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: الآية ٢٣].
الحرّ الكريم لا ينقض العهد القديم.
أحسبتم أنّ الليالي غيّرت … عقد الهوى لا كان من يتغيّر
يفنى الزّمان وليس ننسى عهدكم … وعلى محبّتكم أموت وأحشر
إذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك فقل لها:{مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ}[يوسف: ٢٣].
اجتاز بعضهم على منظور مشتهى، فهمّت عينه أن تمتدّ، فصاح: