حلفت بدين الحبّ لا خنت عهدكم … وذلك عهد لو عرفت وثيق
تاب بعض من تقدّم، ثم نقض، فهتف به هاتف بالليل:
سأترك ما بيني وبينك واقفا … فإن عدت عدنا والوداد مقيم
تواصل قوما لا وفاء لعهدهم … وتترك مثلي والحفاظ قديم
من تكرّر منه نقض العهد لم يوثق بمعاهدته؛ دخل بعض السّلف على مريض مكروب فقال له: عاهد الله على التّوبة لعلّه أن يقيلك صرعتك. فقال:
كنت كلّما مرضت عاهدت الله على التّوبة فيقيلني، فلمّا كان هذه المرّة ذهبت أعاهد كما كنت أعاهد، فهتف بي هاتف من ناحية البيت: قد أقلناك مرارا فوجدناك كذّابا، ثم مات عن قريب.
لا كان من نقض العهد من كان … ما ينقض العهد إلاّ خوّان
ترى الحيّ الألى بانوا … على العهد كما كانوا
أم الدّهر بهتم خانا … ودهر المرء خوّان
إذا عزّ بغير اللّ … هـ يوما معشر هانوا
من رجع من الحجّ فليحافظ على ما عاهد الله عليه عند استلام الحجر. حجّ بعض من تقدّم فبات بمكّة مع قوم، فدعته نفسه إلى معصية، فسمع هاتفا يقول: ويلك! ألم تحجّ؟ فعصمه الله من ذلك. قبيح بمن كمّل القيام بمباني الإسلام الخمس أن يشرع في نقض ما بنى بالمعاصي. في حديث مرسل خرّجه ابن أبي الدنيا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لرجل:«يا فلان، إنّك تبني وتهدم»(١)، يعني تعمل الحسنات والسيئات. فقال: يا رسول الله، سوف أبني ولا أهدم.
خذ في جدّ فقد تولّى العمر … كم ذا التّفريط قد تدانى الأمر
أقبل فعسى يقبل منك العذر … كم تبني كم تنقض كم ذا الغدر
(١) أورده الديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» (٥/ ٣٨١) (٨٤٩٤).