للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلاّ أنت، ولا حول ولا قوّة إلا بك» (١). وخرّجه أبو القاسم البغويّ، وعنده: «ولا تضرّ مسلما». وفي «صحيح ابن حبّان» عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «لا طيرة، والطّيرة على من تطيّر» (٢).

وقال النّخعيّ: قال عبد الله بن مسعود: لا تضرّ الطّيرة إلاّ من تطيّر (٣).

ومعنى هذا أنّ من تطيّر تطيّرا منهيّا عنه، وهو أن يعتمد على ما يسمعه أو يراه مما يتطيّر به حتّى يمنعه ممّا يريد من حاجته، فإنّه قد يصيبه ما يكرهه. فأمّا من توكّل على الله، ووثق به، بحيث علّق قلبه بالله خوفا ورجاء، وقطعه عن الالتفات إلى هذه الأسباب المخوفة، وقال ما أمر به من هذه الكلمات، ومضى، فإنّه لا يضرّه ذلك. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه كان إذا سمع نعق الغراب قال: اللهم لا طير إلاّ طيرك، ولا خير إلاّ خيرك (٤).

وكذلك أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند انعقاد أسباب العذاب السّماوية المخوفة، كالكسوف، بأعمال البرّ؛ من الصّلاة، والدّعاء، والصّدقة، والعتق، حتى يكشف ذلك عن الناس. وهذا كلّه مما يدلّ على أنّ الأسباب المكروهة إذا وجدت فإنّ المشروع الاشتغال بما يرجى به دفع العذاب المخوف منها؛ من أعمال الطّاعات، والدّعاء، وتحقيق التوكّل على الله والثقة به، فإنّ هذه الأسباب كلّها مقتضيات لا موجبات، ولها موانع تمنعها. فأعمال البرّ والتّقوى والدّعاء والتوكّل من أعظم ما يستدفع به.


(١) أخرجه: أبو داود (٣٩١٩) وإسناده ضعيف، وراجع: «الضعيفة» (١٦١٩).
(٢) أخرجه: ابن حبان (٦١٢٣)، وقال الحافظ في «الفتح» (٦/ ٦٣): «في صحته نظر».
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٥/ ٣١١) (٢٦٣٩٨).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ١١٠) (٢٩٨٧٢).

<<  <   >  >>