للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كلام بعض الحكماء المتقدّمين: ضجيج الأصوات في هياكل العبادات بأفنان اللغات يحلّل ما عقدته الأفلاك الدائرات؛ وهذا على زعمهم واعتقادهم في الأفلاك. وأما اعتقاد المسلمين فإنّ الله وحده هو الفاعل لما يشاء، ولكنّه يعقد أسبابا للعذاب، وأسبابا للرّحمة؛ فأسباب العذاب يخوّف الله بها عباده ليتوبوا إليه ويتضرّعوا إليه، مثل كسوف الشمس والقمر؛ فإنّهما آيتان من آيات الله يخوّف الله بهما عباده؛ لينظر من يحدث له توبة، فدلّ على أنّ كسوفهما سبب يخشى منه وقوع عذاب.

وقد أمر عائشة رضي الله عنها أن تستعيذ من شرّ القمر، وقال: «هو الغاسق إذا وقب». وقد أمر الله تعالى بالاستعاذة من شرّ غاسق إذا وقب، وهو الليل إذا أظلم؛ فإنه ينتشر فيه شياطين الجنّ والإنس. والاستعاذة من القمر؛ لأنه آية الليل، وفيه إشارة إلى أنّ شرّ الليل المخوف لا يندفع بإشراق القمر فيه، ولا يصير بذلك كالنّهار، بل يستعاذ منه وإن كان مقمرا.

وخرّج الطّبراني من حديث جابر مرفوعا: «لا تسبّوا اللّيل، ولا النّهار، ولا الشّمس، ولا القمر، ولا الرّيح؛ فإنّها رحمة لقوم، وعذاب لآخرين» (١).

ومثل اشتداد الرّياح؛ فإنّ الرّيح كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من روح الله، تأتي بالرّحمة، وتأتي بالعذاب (٢). وأمر إذا اشتدّت الرّيح أن يسأل الله خيرها وخير ما أرسلت به، ويستعاذ به من شرّها وشرّ ما أرسلت به (٣).


(١) أخرجه: أبو يعلى (٢١٩٤). بسند ضعيف، والطبراني في «الأوسط» (٤٦٩٨)، (٦٧٩٥) وقال الهيثمي (٨/ ٧١): «رواه الطبراني في الأوسط وفيه سعيد بن بشير. وثقه جماعة، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. ورواه أبو يعلى بإسناد ضعيف».
(٢) أخرجه: أبو داود (٥٠٩٧)، وصححه الألباني في «تخريج المشكاة» (٥١٦)، و «تخريج الكلم الطيب» (١٥٣).
(٣) أخرجه: مسلم (٣/ ٢٦) (٨٩٩).

<<  <   >  >>