للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «وآدم بين الرّوح والجسد» (١). خرّجه الترمذي وحسّنه. وفي نسخة:

صحّحه، وخرّجه الحاكم.

وروى ابن سعد من رواية جابر الجعفي، عن الشّعبيّ، قال: قال رجل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: متى استنبئت؟ قال: «وآدم بين الرّوح والجسد، حين أخذ منّي الميثاق» (٢). وهذه الرّواية تدلّ على أنّه صلّى الله عليه وسلّم حينئذ استخرج من ظهر آدم ونبّئ، وأخذ ميثاقه. فيحتمل أن يكون ذلك دليلا على أنّ استخراج ذريّة آدم من ظهره وأخذ الميثاق منهم كان قبل نفخ الرّوح في آدم. وقد روي هذا عن سلمان الفارسيّ وغيره من السّلف. ويستدلّ له أيضا بظاهر قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الأعراف: ١١] على ما فسّره به مجاهد وغيره، أنّ المراد إخراج ذريّة آدم من ظهره قبل أمر الملائكة بالسّجود له.

ولكن أكثر السّلف على أنّ استخراج ذريّة آدم منه كان بعد نفخ الرّوح فيه، وعلى هذا يدلّ أكثر الأحاديث، فيحتمل على هذا أن يكون محمد صلّى الله عليه وسلّم خصّ باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الرّوح فيه، فإنّ محمدا صلّى الله عليه وسلّم هو المقصود من خلق النّوع الإنسانيّ، وهو عينه، وخلاصته، وواسطة عقده؛ فلا يبعد أن يكون أخرج من ظهر آدم عند خلقه قبل نفخ الرّوح فيه.

وقد روي أنّ آدم عليه السّلام رأى اسم محمد صلّى الله عليه وسلّم مكتوبا على العرش، وأنّ الله


(١) أخرجه: الترمذي (٣٦٠٩)، والحاكم (٢/ ٦٠٩) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه». كذا في النسخة المطبوعة، لكن الذي حكاه المزي في «تحفة الأشراف» (١١/ ٧٤)، وابن كثير في «البداية» (٢/ ٣٢٠): «حسن غريب» فقط وهذا أشبه؛ لأن هذا الحديث أنكره أحمد كما في «المنتخب من العلل» للخلال (رقم ٩٣) وراجع: تعليقي عليه.
(٢) أخرجه: ابن سعد (١/ ١٤٨)، وهو مرسل ضعيف.

<<  <   >  >>