للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزّ وجلّ قال لآدم: لولا محمّد ما خلقتك (١). وقد خرجه الحاكم في «صحيحه»، فيكون حينئذ من حين صوّر آدم طينا استخرج منه محمد صلّى الله عليه وسلّم ونبّئ، وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدّر الله خروجه فيه.

ويشهد لذلك ما روي عن قتادة، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «كنت أوّل النّبيّين في الخلق وآخرهم في البعث». وفي رواية: «أوّل النّاس في الخلق» (٢). خرّجه ابن سعد وغيره. وخرّجه الطّبرانيّ من رواية قتادة عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا، والمرسل أشبه. وفي رواية عن قتادة (٣) مرسلة، ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: ٧]، فبدأ به قبل نوح الذي هو أوّل الرسل فمحمد صلّى الله عليه وسلّم أوّل الرّسل خلقا وآخرهم بعثا؛ فإنّه استخرج من ظهر آدم لما صوّر، ونبّئ حينئذ، وأخذ ميثاقه، ثم أعيد إلى ظهره.

ولا يقال: فقد خلق آدم قبله؛ لأنّ آدم كان حينئذ مواتا لا روح فيه، ومحمد صلّى الله عليه وسلّم كان حيّا حين استخرج ونبّئ وأخذ ميثاقه، فهو صلّى الله عليه وسلّم أوّل النبيين خلقا وآخرهم بعثا، فهو خاتم النّبيّين باعتبار أن زمانه تأخّر عنهم، فهو المقفّى والعاقب الذي جاء عقب الأنبياء ويقفوهم. قال تعالى: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠].

وفي «الصحيحين» عن جابر، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وأحسنها، إلاّ موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها


(١) أخرجه: الحاكم (٢/ ٦١٥) وقال: «صحيح الإسناد». وتعقبه الذهبي: «بل موضوع».
(٢) أخرجه: ابن سعد (١/ ١٤٩)، وهو مرسل. وانظر: «كشف الخفاء» (٢/ ١٦٩) (٢٠٠٧).
(٣) «مصنف ابن أبي شيبة» (٦/ ٣٢٢) (٣١٧٦٢).

<<  <   >  >>