للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه تحتاج معرفته إلى حساب وكتاب، فلم يحوجنا إلى ذلك، كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب، والشهر هكذا وهكذا وهكذا، وأشار بأصابعه العشر، وخنس إبهامه في الثالثة، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته؛ فإن غمّ عليكم فأكملوا العدّة» (١).

وإنما علّق الله تعالى على الشمس أحكام اليوم من الصّلاة والصّيام، حيث كان ذلك أيضا مشاهدا بالبصر لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب؛ فالصّلاة تتعلّق بطلوع الفجر، وطلوع الشّمس، وزوالها، وغروبها، ومصير ظلّ الشيء مثله، وغروب الشفق. والصّيام يتوقّت بمدّة النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس.

وقوله تعالى: {وَالْحِسابَ،} يعني بالحساب حساب ما يحتاج إليه النّاس من مصالح دينهم ودنياهم، كصيامهم، وفطرهم، وحجّهم، وزكاتهم، ونذورهم، وكفّاراتهم، وعدد نسائهم، ومدد إيلائهم، ومدد إجاراتهم، وحلول آجال ديونهم، وغير ذلك مما يتوقّت بالشهور والسنين.

وقد قال الله عزّ وجلّ: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩]، فأخبر أنّ الأهلّة مواقيت للنّاس عموما، وخصّ الحجّ من بين ما يوقّت به؛ للاهتمام به وجعل الله سبحانه وتعالى في كلّ يوم وليلة لعباده المؤمنين وظائف موظّفة عليهم من وظائف طاعته. فمنها ما هو مفترض كالصلوات الخمس ومنها ما يندبون إليه من غير افتراض، كنوافل الصّلاة والذكر وغير ذلك.

وجعل في شهور الأهلّة وظائف موظّفة أيضا على عباده، كالصّيام،


(١) متفق عليه: البخاري (٣/ ٣٥) (١٩٠٧)، ومسلم (٣/ ١٢١ - ١٢٢) (١٠٨٨).

<<  <   >  >>