كما جعل بعض الأيام والليالي أفضل من بعض، وجعل ليلة القدر خيرا من ألف شهر، وأقسم بالعشر؛ وهو عشر ذي الحجّة على الصحيح، كما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
وما من هذه المواسم الفاضلة موسم إلاّ ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعاته، يتقرّب بها إليه، ولله فيها لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه. فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والسّاعات، وتقرّب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطّاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النّفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النّار وما فيها من اللّفحات.
وقد خرّج ابن أبي الدّنيا والطّبرانيّ وغيرهما، من حديث أبي هريرة مرفوعا:
«اطلبوا الخير دهركم وتعرّضوا لنفحات رحمة ربّكم، فإنّ لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم»(١). وفي رواية للطّبراني من حديث محمد بن مسلمة مرفوعا:
(١) أخرجه: البيهقي في «الشعب» (١١٢١)، و «الأسماء والصفات» (١٥٠)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٥/ ٣٣٩)، وابن أبي الدنيا في «الفرج بعد الشدة» (ص ٢٤) وابن عساكر (٢٤/ ١٢٣) بسند ضعيف. وأخرجه: الطبراني (١/ ٧٢٠) عن أنس. وراجع: «الضعيفة» (٢٧٩٨).