للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالت: قطّري لنا في مصباحنا من عكّة السّمن، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمسى في جديد الموت. وكان عند عائشة إزار غليظ مما يصنع باليمن، وكساء من الملبّدة، فكانت تقسم بالله إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبض فيهما.

ودخلت عليه فاطمة رضي الله عنها في مرضه، فسارّها بشيء فبكت، ثم سارّها فضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: لا أفشي سرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (١). فلمّا توفي سئلت، فقلت: أخبرني أنّه يموت في مرضه، فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به، وأنّي سيّدة نساء العالمين، فضحكت، فلمّا احتضر صلّى الله عليه وسلّم اشتدّ به الأمر، فقالت عائشة: ما أغبط أحدا يهوّن عليه الموت بعد الذي رأيت من شدّة موت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: وكان عنده قدح من ماء، فيدخل يده في القدح، ثمّ يمسح وجهه بالماء، ويقول: «اللهمّ، أعنّي على سكرات الموت» (٢)، قالت: وجعل يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات».

وفي حديث مرسل أنه قال: «اللهم إنك تأخذ الرّوح من بين العصب والقصب والأنامل، اللهم فأعنّي على الموت وهوّنه عليّ».

ولمّا ثقل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جعل تغشّاه الكرب، قالت فاطمة رضي الله عنها: وا كرب أبتاه، فقال لها: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» (٣). وفي حديث خرّجه ابن ماجه أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال لفاطمة: «إنّه قد حضر من أبيك ما ليس الله بتارك منه أحدا، الموافاة يوم القيامة» (٤).


(١) أخرجه: البخاري (٤/ ٢٤٨) (٣٦٢٦) (٣٧١٦) (٤٤٣٤)، ومسلم (٧/ ١٤٢) (٢٤٥٠).
(٢) أخرجه: أحمد (١٥١، ٧٧، ٧٠، ٦/ ٦٤)، وأبو يعلى (٤٥١٠)، (٤٦٨٨)، والحاكم (٥٠٥/ ٢)، (٣/ ٥٨)، والبيهقي (٤/ ٢٥٩)، (٦/ ٢٦٩)، وابن أبي شيبة (٢٩٣٣٣)، وإسناده ضعيف، وراجع: «تخريج المشكاة» (١٥٦٤)، و «تخريج فقه السيرة» (٤٩٩) للألباني.
(٣) أخرجه: البخاري (٦/ ١٨) (٤٤٦٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٤) أخرجه: ابن ماجه (١٦٢٩)، وأحمد (٣/ ١٤١)، وإسناده حسن إن شاء الله.

<<  <   >  >>