للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى … طبيب يداوي النّاس وهو سقيم

يا أيّها الرّجل المقوّم غيره … هلاّ لنفسك كان ذا التّقويم

فابدأ بنفسك فانهها عن غيها … فإن انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى … بالقول منك وينفع التّعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم

لمّا جلس عبد الواحد بن زيد للوعظ أتته امرأة من الصالحات فأنشدته:

يا واعظا قام لاحتساب … يزجر قوما عن الذّنوب

تنهى وأنت المريب حقّا … هذا من المنكر العجيب

لو كنت أصلحت قبل هذا … عيبك أو تبت من قريب

كان لما قلت يا حبيبي … موقع صدق من القلوب

تنهى عن الغيّ والتّمادي … وأنت في النّهي كالمريب

لمّا حاسب المتّقون أنفسهم خافوا من عاقبة الوعظ والتّذكير.

قال رجل لابن عبّاس: أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فقال له:

إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل، إلا فابدأ بنفسك، ثم تلا:

{أَتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤] وقوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣] وقوله حكاية عن شعيب عليه السّلام: {وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ} [هود: ٨٨].

قال النّخعيّ: كانوا يكرهون القصص؛ لهذه الآيات الثلاث. قيل لمورّق (١)


(١) في الأصول: «لمطرف»؛ خطأ.

<<  <   >  >>