للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العجلي: ألا تعظ أصحابك؟ قال: أكره أن أقول ما لا أفعل. تقدّم بعض التابعين ليصلّي بالنّاس إماما، فالتفت إلى المأمومين يعدل الصّفوف، وقال:

استووا، فغشي عليه، فسئل عن سبب ذلك، فقال: لمّا قلت لهم: استقيموا، فكّرت في نفسي، فقلت لها: فأنت، هل استقمت مع الله طرفة عين؟

ما كلّ من وصف الدّواء يستعمله … ولا كلّ من وصف التّقى ذو تقى

وصفت التّقى حتّى كأنّي ذو تقى … وريح الخطايا من ثيابي تعبق

ومع هذا كلّه فلا بدّ للناس من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والوعظ والتذكير، ولو لم يعظ النّاس إلا معصوم من الزّلل، لم يعظ الناس بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أحد، لأنّه لا عصمة لأحد بعده.

لئن لم يعظ العاصين من هو مذنب … فمن يعظ العاصين بعد محمد؟

وروى ابن أبي الدّنيا بإسناد فيه ضعف، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كلّه، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه كلّه» (١).

وقيل للحسن: إنّ فلانا لا يعظ، ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن: وأيّنا يفعل ما يقول؟! ودّ الشيطان أنّه قد ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر. وقال مالك، عن ربيعة: قال سعيد ابن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء،


(١) أخرجه: البيهقي في «شعب الإيمان» (٧٥٧٠)، وفي إسناده طلحة بن عمرو المكي وهو ضعيف، وقال في «مجمع الزوائد» (٧/ ٢٧٧): رواه الطبراني في «الصغير» (٩٨١)، و «الأوسط» (٦٦٢٨) من طريق عبد السّلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان.

<<  <   >  >>