الهموم، وحالف بيني وبين السّهاد، وشوقي إلى النّظر إليك أوبق منيّ اللّذات، وحال بيني وبين الشّهوات.
ما لي شغل سواه ما لي شغل … ما يصرف عن قلبي هواه عذل
ما أصنع إن جفا وخاب الأمل … منّي بدل ومنه ما لي بدل
فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، وكلّما قويت المعرفة بالله والمحبّة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كلّ حال.
كان بعضهم لا يزال منفردا في بيته، خاليا بربّه، فقيل له: أما تستوحش؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: «أنا جليس من ذكرني»! (١).
أوحشتني خلواتي … بك من كلّ أنيسي
وتفرّدت فعاينتك … بالغيب جليسي
يا ليلة القدر للعابدين اشهدي، يا أقدام القانتين اركعي لربّك واسجدي، يا ألسنة السّائلين جدّي في المسألة واجتهدي.
يا رجال اللّيل جدّوا … ربّ داع لا يردّ
ما يقوم اللّيل إلاّ … من له عزم وجدّ
ليلة القدر عند المحبّين ليلة الحظوة بأنس مولاهم وقربه، وإنما يفرّون من ليالي البعد والهجر. كان ببغداد موضعان يقال لأحدهما دار الملك، والأخرى القطيعة، فجاز بعض العارفين بملاّح في سفينة، فقال له: احملني معك إلى
(١) روي عن كعب قال: قال موسى عليه السّلام: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فقيل له: يا موسى؛ أنا جليس من ذكرني … » رواه البيهقي في «الشعب» (١/ ٤٥١) (٦٨٠)، وابن أبي شيبة (١/ ١٠٨) (١٢٢٤)، و (٧/ ٧٣) (٣٤٢٨٧).