للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من غير حقّه ويصرفه في غير حقّه؛ فالمال في حقّ الأوّل خير، وفي حقّ الثاني شرّ، فتبيّن بهذا أنّ المال ليس بخير مطلق، بل هو خير مقيّد، فإن استعان به المؤمن على ما ينفعه في آخرته كان خيرا له، وإلاّ كان شرّا له.

فأمّا المال، فقال: إنه خضرة حلوة، وقد وصف المال والدنيا بهذا الوصف في أحاديث كثيرة.

ففي «الصحيحين» عن حكيم بن حزام، أنّه سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، ثم سأله، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا حكيم، إنّ هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه؛ وكان كالذي يأكل ولا يشبع» (١).

وفي «صحيح مسلم» عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إنّ الدّنيا خضرة حلوة، وإنّ الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون؛ فاتّقوا الدنيا، واتقوا النّساء؛ فإنّ أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (٢).

واستخلافهم فيها هو ما أورثهم الله منها مما كان في أيدي الأمم من قبلهم كفارس والروم، وحذّرهم من فتنة الدنيا، وفتنة النّساء خصوصا؛ فإنّ النّساء أوّل ما ذكره الله تعالى من شهوات الدنيا ومتاعها في قوله تعالى:

{زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} [آل عمران: ١٤].

وفي «المسند» و «الترمذي» عن خولة بنت قيس، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ


(١) أخرجه: البخاري (٢/ ١٥٢) (١٤٧٢)، ومسلم (٣/ ٩٤) (١٠٣٥).
(٢) أخرجه: مسلم (٨/ ٨٩) (٢٧٤٢)، والترمذي (٢١٩١).

<<  <   >  >>