للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روي عن داود بن رشيد، قال: قام رجل ليلة باردة ليتوضأ للصلاة، فأصاب الماء باردا فبكى، فنودي: أما ترضى أنّا أنمناهم وأقمناك حتى تبكي علينا؟ خرّجه ابن السمعاني.

معالجة الوضوء في جوف الليل للتهجّد موجب لرضا الربّ، ومباهاة الملائكة، ففي شدّة البرد يتأكّد ذلك. ففي «المسند» و «صحيح ابن حبان» عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «رجلان من أمّتي؛ يقوم أحدهما من الليل فيعالج نفسه إلى الطّهور وعليه عقد، فيتوضأ، فإذا وضأ يديه انحلّت عقدة، وإذا وضّأ وجهه انحلّت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلّت عقدة، وإذا وضّأ رجليه انحلّت عقدة؛ فيقول الرّبّ عزّ وجلّ للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه، ما سألني عبدي هذا فهو له» (١).

وفي حديث عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إنّ الله ليضحك إلى ثلاثة نفر: رجل قام من جوف الليل فأحسن الطّهور ثم صلّى، ورجل نام وهو ساجد، ورجل في كتيبة منهزمة على فرس جواد لو شاء أن يذهب لذهب» (٢).

قال أبو سليمان الداراني: كنت ليلة باردة في المحراب، فأقلقني البرد، فخبّأت إحدى يديّ من البرد، وبقيت الأخرى ممدودة، فغلبتني عيني، فهتفت بي هاتف: يا أبا سليمان، قد وضعنا في هذه ما أصابها، ولو كانت الأخرى لوضعنا فيها. قال: فآليت على نفسي ألاّ أدعو إلاّ ويداي خارجتان؛ حرّا كان أو بردا.


(١) أخرجه: أحمد (٢٠١، ٤/ ١٥٩).
(٢) أخرجه: ابن ماجه (٢٠٠)، وأحمد (٣/ ٨٠).
وراجع: «الضعيفة» (٣٤٥٣).

<<  <   >  >>