وقال آخر:
غدا فينا دهر وراحا عليهما ... نهار وليل يكثران التّواليا
ومن هذا الباب قولهم: لا أفعله ما اختلف الصّرعان أي الغداة والعشي، ويقال:
الصّرعان: أي الغداة، وبالفتح أيضا ويقال: أتيته صرعي النّهار أي طرفيه من طلوع الشّمس إلى الضّحى، وبالعشيّ بعد العصر إلى اللّيل، ثم قالوا: هما صرعان: أي مثلان، فعلى هذا يراد باختلافهما تصرّفهما، ويقال أيضا: هو ذو صرعين: أي لونين ويجمع على الصروع، وما أدري على أيّ صرعى أمره وقع، أي حاليه وتركهم صريعين: أي ينتقلون من حال إلى حال، وهو يفعله على كل صرعة، أي على كلّ حالة.
وحكى ابن الأعرابي: لا أكلّمك ما اختلف الصّرعان: الحينان غدوة وعشية، ومن كلامهم: عندك ديك يلتقط الحصى صرعيه، يقال: هذا مثلا للنّمام، قال: وعلى هذا: يراد الاختلاف الذي هو ضد الوفاق. فأما قولهم: المصراعان في الأبواب وأبيات الشّعر فيجوز أن يكون من التماثل، ويجوز أن يكون من قولهم: هو صرع كذا أي حذاءه. الزّيادي اختلف عليه الفتنان، أي الغدوة والعشية من الفتون وهو الضّروب.
وقال أبو سعيد في قول الله تعالى: وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً
[سورة طه، الآية: ٤٠] أي فتونا في اليمّ وفي مدين وحيث قيل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
[سورة طه، الآية: ١٢] وذكر يعقوب زرته:
البردين والقرنين أي طرفي النّهار. وزرته الغربين أيضا: أي غدوة وعشية. الأصمعي اختلف إليه الرّدفين أي الغداة والعشي- والغداة ردف اللّيل والعشيّ ردف النّهار.
ويقال: لقيته بأعلى سحرين وبأعلى السّحرين أي وقت السّحر الأعلى وهو قبيل الصّبح. قال: غدت بأعلى سحرين تذأل. وبأعلى سحر. قال العجاج: غدا بأعلى سحر وأجرسا. رد بعضهم بيت العجّاج وقال: كان ينبغي أن يقول: بأعلى سحرين لأنّه أوّل تنفّس الصّبح، ثم الصّبح وتقول: أسحرنا كما تقول: أصبحنا- وتسحّرنا أكلنا سحورا- وجئتك بسحر- وبسحرة- وبالسّحر- وسحيرا.
وقال أحمد بن يحيى: الأسحار: الأطراف وبه سمّي سحر، وأنا أراك منذ سحر.
وقال قطرب: أتيتك سحرية وسحريا وسحر، ويقول: سحرى هذه اللّيلة أيضا. قال في ليلة لا نحسّ في سحرّيها وعشائها.
ويقال: صبح ولا جمع له، وصباح وصبيحة وأصبوحة وإصباح، لأنّ العرب تجعل الإصباح لنفس اللّيل، فيقول: أصبح قال فبات يقول: أصبح ليل حتى تجلّى عن صريمة الظّلام.
والصّبح صبحان، كما أنّ السّحر سحران. ويقال: ابنا جمير اليومان اللّذان يستسر القمر