النّهار، ثم تصرّ وإنما فعلت هذه الأشياء بالفصال حيث حضروا لأنّها أعانت على نفسها وتناولت الشّجر، فلا يزال للفصيل في أمه حظ حتّى يطلع سهيل. فإذا طلع سهيل خلّلت، وهو أن يدخل عود في أنفه، فإذا أراد أن يرضع نخس الخلال ما دنا منه فأوجعه فتزيفه، وربما أجروه، وهو أن يشقّ لسانه فلا يقدر أن يمصّ خلف أمّه فإذا فطمت أولادها واشتدّ البرد حلبت الضّرعين غدوة وعشية.
والكفاتان: وقد يفتح الكاف منه: أن يكون للرجل إبل يراوح بينها هذه تنتج وتحمل هذه.
والمخاض: إذا طلع سهيل مال وقال: إذا طلع سهيل أخذ أحدهم بأذن الفصيل ثم استقبل به مطلع سهيل يريه إيّاه يحلف أنّه لا يرضع بعد يومه قطرة، ويفصله من أمّه، وقد وصف أبو النّجم ما ذكرناه فقال: يذكر عيرا رعت الرّطب إلى أن تخرم وقته:
كان رعي الأنواء في تبكيرها ... دلوبها الأوّل من ظهيرها
حتى إذا ما طار من خبيرها ... وبانت العيدان من عصيرها
ولجت القروم في نذورها ... واصفرت الأعجاز من جفورها
بعد الثّرى الملبّد من خطيرها ... واختارت الماء على هديرها
واعلم أنّ الرّطب لما تصرّم وحاجت الأرض لجت الفحول في الغدور وتركت الخطران والتّهدار، وطلبت الورود. وقوله: بعد الثّرى الملبّد من خطيرها مثل قول ذي الرّمة:
وقربن بالزّرق الحمائل بعدما ... ثقوب عن غربان أوراكها الخطر
وإنما يصف نساء أقمن في مربع ما أقمن ثم قربن الفحول ليرتحلن عليها إلى المحاضر، وذلك أنّها لمّا جفرت استغني عن ضرابها. وثقوب الخطر تقلع ما لصق بأعجازها من أبوالها في أيام هبابها لأنّها كانت تبول في أذنابها، ثم تخطر بها فتضرب أوراكها فتلبد. قال: وقد وقتوا وقتا آخر للضّراب وهو إدبار الحرّ وإقبال البرد من آخر الخريف، وذلك قبل الوسمي يشهد بذلك قول الرّاجز ينعت إبلا شعرا:
مدالق الورد مكيثات الصّدر ... عنابل الخلق نجيبات الخير
جوف لهنّ بجر فوق بجر ... حتى إذا شال سهيل بسحر
كعشوة القابس يرمي بشرر ... أرسل فيها مقرما غير قفر
أصهب ذيالا غلافي الوبر ... ففئن تعسّرن بأذناب عسر
فجعل الزّمان الذي يرى فيه سهيل سحرا شايلا مرتفعا وقتا لإرسال الفحول في النّعم،