وأدنى ذلك أن يكون الطّالع بالغداة الصّرفة، وذلك لانصراف الحر وانصرام القيظ، وآخر الخريف وقبل الوسمي. وقال ذو الرّمة يصف فحلا، قال شعرا:
إذا شمّ أنف البرد ألحق بطنه ... مراس الأوابي وامتحان الكواتم
أنف البرد: أوّله فأخبر أنّ هذا الفحل في الوقت الذي ذكره متعب بطروقته يمارس أوابيها، وهي التي لا تمكن من الضّراب، وبامتحان كواتمها، وهي التي يظن أنها قد لقحت وليست بلاقح، فيسرها ليعلم حقيقة اللقح، وذلك أنّ النّاقة ربما تلقّحت وليست بلاقح، وتلقحها أن تشول بذنبها وتوزّع ببولها وتستكبر، ويقال: لا يمكن شيء من الحيوان الأنثى منها إذا كانت حاملا الفحل ولا يطلبها الفحل إذا حملت، وذلك أنه يجيئها ويتشممها، فيعرف أحامل هي أم لا فيولّي عنها، فلا هي تمكّنه ولا الفحل يطلبها، وذلك في الإبل والخيل والحمير والبقر والشّاة، قال الشّماخ.
شج بالرّيق إذ حرمت عليه ... حصان الفرج واسقة الجنين
قال: يقول شجى هذا الحمار بريقه حيث لا يقدر أن يضربها لمّا حملت واسقة يقول:
اتّسق يعني اجتمع جنينها في رحمها. والاتساق: الاستدارة والاجتماع، وفي التنزيل:
وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ
[سورة القمر، الآية: ١٨] . وقال شعرا:
إنّ لنا قلائصا حقائقا ... مستوسقات لو يجدن سائقا
وقال أعشى عكل:
حتّى إذا لقحت وآخر حولها ... وضع الغيار وأحرز الأرحاما
أي لمّا وجدها حولا ترك الغيرة وأحرز أرحامها، ويقال لها في أوّل ما تضرب أيضا:
هي في منيتها، وذلك ما لم يعلموا أبها حمل أم لا، فمنية البكر عشر ليال، ومنية العقبنى وهو البطن الثاني خمس عشرة، وهي منتهى الأيام. وقول ذي الرّمة: إذا شمّ أنف البرد يريد أنّ النّاقة تتلقح له وليست بلاقح، فقد أنضبه ذلك حتّى ألحق بطنه بظهره فجعل ذلك في إقبال البرد.
وقال الكلابي: إذا طلع سهيل من آخر القيظ ثم لأوّل ما لقح من المخاض عشرة أشهر فسمّيت العشار، وانقطع عنها ذكر المخاض. وقول السّاجع: طلع سهيل. وبرد اللّيل، وللفصيل الويل. ويروى: ولأم الفصيل الويل. والفصل بين الرّوايتين أنّه إذا جعل الويل للأم فلأنّ الفصال إذا فطمت في هذا الوقت أسرع إلى ضعافها الفساد، فكثرت موتاها، وكذلك قيل: إذا طلعت الجبهة تحانت الولهة، وطلوع الجبهة مع طلوع سهيل. وإذا جعل