وقال آخر:
ألا ما لعينك لا ترقد ... وما لدموعك لا تجمد
وما بال ليلك ليل السّليم ... ساوره الحيّة الأربد
وخلّاك صحبك في زفرة ... وهمّ عنك في غفلة هجّد
فما لك من وحشة مؤنس ... وما لك عند البكا مسعد
فقاس الهوى وتقرد به ... فأنت الوحيد به المفرد
مللت بجرجان طول الثّوى ... وبالبصرة الدار والمولد
وكم لي بها من أخ أصيد ... نماه لمجد أب أصيد
مصابيح ليل إذا أشرقت ... يفرج عنه الدّجى الأسود
إذا النّاس غمّتهم أزمة ... فلم يبق كهل ولا أمرد
يؤمّل أو يرتجى رفده ... يعود بخير ولا يرفد
ولم يدر حرّان ذو درّية ... إلى من بكربته يقصد
سواء إذا ازدحم الواردو ... ن أقربهم فيه والأبعد
إذا ما التقوا وثقوا عنده ... بأن لن يزادوا ولن يطردوا
ويغشون في الحرب حوماتها ... إذا شبّ نيرانها الموقد
وأعرضت الخيل مزورة ... سرابيلها العلق المجسّد
إذا وعدوا أنجزوا وعدهم ... وإن أوعدوا حان من أوعدوا
مواريث آباء آبائهم ... يورثها سيّد أسيد
فلو كان يخلد أهل الندى ... وأهل المعالي إذا خلدوا
متى ألقهم بعد طول المغيب ... أجدهم على خير ما أعهد
ألا ربّما طاب لي مصدري ... لديهم وطاب لي المورد
شعر:
وإن يقدر الله لي رجعة ... فجدّي بقربهم الأسعد
وإلّا فلا حزني منقض ... ولا حرّ نيرانه يبرد
فيا سادة النّاس أنتم مناي ... على بعد داري فلا تبعدوا
وأقسم ما طاب لي بعدكم ... مقام ولا طاب لي مقعد
يغور هواي إذا غرتم ... وإن تنجدوا فالهوى منجد
ألا ليتني جاركم بالعرا ... ق ما جاور الفرقد الفرقد
ألا أيّها النّاس إنّي لكم ... على خالد مشهد فاشهدوا