وكان بها سنباط بن أشوط، ولم تزل فى أيدى الكبراء من النصارى «١» ، وهم الغالبون على أهل أرمينية، وهى مملكة الأرمن، متاخمين للروم، فحدّ لهم إلى برذعة، وحدّ لهم إلى الجزيرة، وحدّ لهم إلى أذربيجان «٢» ، والثغر الذي يلى الروم من أرمينية قاليقلا، وإليها يغزو أهل أذربيجان والجبال والرى وما والاها، ولهم مدخل إلى الروم يعرف بطرابزنده، يجتمع فيه التجار فيدخلون بلد الروم للتجارة، فما وقع من دبابيج وبزيون وثياب الروم إلى تلك النواحى فمن طرابزنده؛ وأما نشوى وبركرى وخلاط ومناز كرد وبدليس وقاليقلا وأرزن وميّافارقين وسراج «٣» فهى بلدان صغار متقاربة فى المقدار، خصبة كلها عامرة كثيرة الخير، وميّافارقين يعدّها قوم من الجزيرة، إلا أنها دون دجلة «٤» ، وخلفها حدّ الجزيرة فيما صورنا ما بين دجلة والفرات، فلذلك جعلناها بأرمينية.
وأما الأنهار بهذه البلاد التى تجرى فيها السفن فنهر الكرّ ونهر الرّس، فأما سبيذروذ الذي بين أردبيل وزنجان فنهر يصغر عن جرى السفن فيه، والكرّ نهر عذب مرىء خفيف «٥» ، يخرج من ناحية الجبل على حدود جنزة وشمكور إلى قرب تفليس، ثم يقع فى بلدان الكفر، وأما نهر»
الرّس فإنه نهر عذب طيب، يخرج من أرمينية حتى ينتهى إلى باب ورثان، ثم ينتهى إلى خلف موقان وخلف مخرج نهر الكرّ فيقع فى البحر.
وأما بحارها فإن بأذربيجان بحيرة تعرف ببحيرة أرمية مالحة الماء، وفيها سمك، وفيها دابة تسمى كلب الماء وهى كبيرة، وحواليها كلها عمارة وقرى ورساتيق، وبين هذه البحيرة وبين مراغة ثلاثة فراسخ، وبينها وبين أرمية فرسخان «٧» ، وبين داخرّقان وشط البحيرة نحو أربعة فراسخ، وطولها نحو أربعة أيام سير الدواب، وأما للريح فإنه ربما يسار فى ليلة، وبحيرة بأرمينية تعرف ببحيرة أرجيش، يرتفع منها سمك الطرّيخ يحمل إلى