وأما طرقها: فإن من الكوفة إلى المدينة نحو من ٢٠ مرحلة، ومن المدينة إلى مكة نحو ١٠ مراحل؛ وطريق الجادة من الكوفة إلى مكة أقصر من هذا الطريق بنحو من ٣ مراحل، إذا انتهى إلى معدن النقرة عدل عن المدينة، حتى يخرج إلى معدن «١» بنى سليم إلى ذات عرق حتى ينتهى إلى مكة. وأما طريق البصرة فهو إلى المدينة نحو من ١٨ مرحلة، ويلتقى مع طريق الكوفة بقرب معدن النّقرة، وأما طريق البحرين إلى المدينة فنحو من ١٥ مرحلة، وأما طريق الرّقة إلى المدينة فنحو من نحو ٢٠ مرحلة، وكذلك من دمشق إلى المدينة نحو من ٢٠ مرحلة، ومن فلسطين إلى المدينة نحو من ٢٠ مرحلة، ومن مصر إلى المدينة على الساحل نحو من ٢٠ مرحلة.
ولم نفرد لمصر والمغرب طريقا لأنه يلتقى بأيلة مع طريق أهل فلسطين، فيصير الطريقان سوى، وهو أول حد البادية، وإنما يتفرق قبل دخول البادية، ولأهل مصر وفلسطين إذا جاوزوا مدين طريقان: أحدهما إلى المدينة على بدا وشغب- قرية بالبادية كان بنو مروان أقطعوها الزّهرى المحدّث وبها قبره- حتى ينتهى إلى المدينة على المروة، وطريق يمضى على ساحل البحر حتى يخرج بالجحفة، فيجتمع بها طريق أهل العراق ودمشق وفلسطين ومصر؛ وأما طريق البصرة والرّقة، فهما لا يسلكان وقد تعطّلا، وسائر الطرق مسلوكة. ومن عدن إلى مكة نحو شهر، ولها طريقان: إحداهما على ساحل البحر وهو أبعد، والآخر يأخذ على صنعاء وصعدة وجرش ونجران والطائف حتى ينتهى إلى مكة، ولهم طريق على البوادى وتهامة هو أقرب من هذين الطريقين، إلّا أنّه على أحياء اليمن ومخاليفها، تسلكه الحواس «٢» منهم. وأما أهل حضرموت ومهرة فإنّهم يقطعون عرض بلادهم حتى يتصلوا بالجادّة التى بين عدن وبين مكة، والمسافة منهم إلى الاتصال بهذه الجادّة ما بين عشرين مرحلة إلى خمسين مرحلة. وأما طريق عمان فهو طريق يصعب سلوكه فى البرية، لكثرة القفار بها وقلة السكان، وإنما طريقهم فى البحر إلى جدة، فإن سلكوا على السواحل من مهرة وحضرموت إلى عدن- أو إلى طريق عدن- بعد عليهم، وقلّ ما يسلكونه، وكذلك ما بين عمان والبحرين فطريق شاق، يصعب سلوكه لتمانع العرب فيما بينهم بها، وأما ما بين البحرين وعبّادان فغير مسلوك وهو قفر، والطريق فيها على البحر، ومن البصرة إلى البحرين نحو من ١٨ مرحلة فى قبائل العرب ومياههم مسلوك عامر «٣» ، غير أنه مخوف.
فهذه جوامع المسافات التى يحتاج إلى علمها، فأما ما بين ديار العرب لقبائلها من المسافات فقلّ ما تقع الحاجة لغير أهل البادية إلى معرفتها.