وأما ما ينتحلونه من الديانات فإن الغالب بخوزستان الاعتزال، والغلبة عليهم دون سائر النحل، وفى سائر كورهم من أهل الملل نحو ما فى سائر الأمصار.
وأما الخاصيات بها: فإن عندهم بتستر «١» الشّاذروان «٢» الذي بناه سابور، وهو من أعجب البناء وأحكمه، بلغنى أن امتداده يقرب من ميل، قد بنى بالحجارة كله حتى تراجع الماء فيه وارتفع إلى باب تستر، ولهم بالسوس- بلغنى والله أعلم- أن تابوتا وجد فى أيام أبى موسى الأشعرى، فذكروا أنّ فيه عظام دانيال النبي عليه السلام، وكان أهل الكتاب يديرونه فى مجامعهم، ويتبركون به ويستسقون المطر به إذا أجدبوا، فأخذه أبو موسى وعمد إلى نهر على باب السوس فشق منه خليجا، وجعل فيه ثلاثة قبور مطوية بالآجر، ودفن ذلك التابوت فى أحد القبور، ثم استوثق منها كلها وعمّاها، ثم فتح الماء حتى غلب زيد النهر الكبير على ظهر تلك القبور، والنهر يجرى عليها إلى يومنا هذا، ومن نزل إلى قعر الماء وجد تلك القبور. ولهم بناحية آسك متاخما لأرض فارس جبل «٣» ، تتقد منه نار أبدا لا تنطفىء، ويرى منه الضوء بالليل والدخان بالنهار، وهو فى حدّ خوزستان، ويشبه فيما أظن أنه عين نفط أو زفت أو غيره مما تعمل فيه النار، فوقع فيه على قديم الأيام نار، فعلى قدر ما تخرج يحترق أبدا فيما أحسبه، من غير أن رأيت فيه «٤» علامة لذلك ولا سمعت به، وأنا أقوله ظنا؛ ولهم بعسكر مكرم صنف من العقارب صغار على قدر ورق الانجذان «٥» تسمى الجرّارة، قلّ من يسلم من لسعها «٦» ، وهى أبلغ فى القتل من بعض الحيّات، وأما تستر فإن بها يتخذ الديباج الذي يحمل إلى الدنيا، وكسوة مكة من الديباج يتخذ بها، وبها للسلطان طراز؛ وأما السوس فإنه تعمل بها الخزور، ومنها تحمل إلى الآفاق، وبالسوس صنف من الأترجّ شمّامات «٧» ذكية كالأ كف بأصابعها، لم أر مثلها فى بلدان الأترجّ «٨» ؛ وبقرقوب «٩» السّوسنجرد «١٠» الذي يحمل إلى الآفاق، وبها وبالسوس طراز للسلطان، وببصنّى تعمل الستور التى تحمل إلى الآفاق، المكتوب عليها عمل بصنّى، وقد تعمل ببرذون وكليوان وغيرهما من تلك المدن ستور يكتب عليها بصنّى «١١» ، وتدلّس فى ستور بصنى إلا أن المعدن بصنّى، وبرامهرمز من ثياب الإبريسم ما يحمل منها إلى كثير من المواضع، ويقال