لنفسه قبل موته سربا تحت الأرض معقودا على آزاج فى الجبل الغربى.
وجعل فيه من الذخائر والغرائب والتماثيل، ومن الطلسمات والعجائب التى يطول وصفها، كما كان فى نواويس آبائه.
قال، فما زال هؤلاء الملوك من ذرية. مصر بن ينصر يتوارثون الملك خلف عن سلف، إلى أن كان منهم ملك يسمى عديم، وكان عاقلا عالما، وهو أول من صلب. وكان سبب ذلك أن امرأة ورجلا زنيا فى أيامه، فأمر بهما فصلبا على منارين بناهما لهما، وجعل ظهر كل واحد منهما إلى ظهر الآخر، وطلاهما بأطلية مانعة لفناء جثتيهما، وزبر على المنارين اسماهما وما فعلا، وتاريخ الوقت الذي عمل بهما ذلك فيه؛ فانتهى الناس فى أيامه عن الزنا. وناووس عديم هذا من أعاجيب الدنيا، وهو فى صحراء قفط «ا» على وجه الأرض، وهو قبة عظيمة من زجاج أخضر براق، معقودة على ثمانية آزاج، قدر قطرها «ب» ١٠٠ ذراع وارتفاعها فى الهواء ١٠٠ ذراع، يخضر بخضرتها ما حولها من الأرض وعلى رأس القبة طائر من الذهب منشور الجناحين موشح بجوهر نفيس، وهو طلسم تلك القبة؛ يمنع الوصول إليها وإلى ما فيها. وذكر أن قوما قصدوا ذلك الناووس فى صحراء قفط، ورأوا القبة وعاينوا ما فيها، وأقاموا عليها أياما لا يقدرون عليها؛ وكانوا منها على قدر ٨ أذرع، وكانوا إذا قصدوها «ج» دارت القبة على يمينهم وشمالهم. وذكروا أنهم عاينوا ما فيها من العجائب، وأنهم رأوا الملك وهو على سرير من ذهب، مشبك عليه ثياب منسوجة بالذهب منظمة بنفيس الجواهر، وهو مكشوف الوجه، فقدروا وجهه بذراع ونصف، وقدروا طول بدنه ب ١٠ أذرع، وله لحية كبيرة. وفى جانب القبة ١٧٠ مصحفا من مصاحف الحكمة، وفيها ٧ موائد على كل مائدة أوانيها: فمنها مائدة در رمانى وآنيتها منها، ومنها مائدة ذهب أحمر يختطف الأبصار وهو الذهب الذي يعمل منه تيجان الملوك وآنية المائدة منها، ومنها مائدة من حجر الشمس المضىء وآنيتها منها، ومائدة من الزبرجد الذي إذا نظرت إليه الأفاعى سالت عيونها، ومنها مائدة كبريت أحمر مدبر على ما ذكروه من تدبيره فى مصاحف حكمتهم وآنيتها منها، ومائدة ملح أبيض براق «د» يكاد نوره أن يخطف الأبصار