وآنيتها منها، ومنها مائدة زئبق معقود وحافاتها وقوائمها زئبق أصفر معقود وآنيتها من زئبق أحمر معقود. وقيل وجعل معه فى القبة جواهر عظيمة، وأوانى من الفضة المدبرة، وجعل حوله سبعة أسياف صاعقية وسبعة كاهنية، وفى القبة معه تماثيل أفراس من ذهب، وعليها سروج من ذهب، وعدة توابيت مملوءة بالدنانير التى ضربها وصور عليها صورته. وفى تلك القبة أشياء من العجائب والغرائب يطول وصفها «١» .
وقيل إنه ملك من ذرية هؤلاء الملوك ملك يسمى ساوس، وهو أول من عبد البقر. وقيل إن السبب فى ذلك أنه اعتل بعلة يئس فيها من نفسه، وأنه رأى فى منامه صورة روحانى عظيم الخلق يخاطبه ويقول له: لا يخرجك من علتك إلا عبادة البقر، لأن الطالع كان حلوله بك فى صورة ثور. فأمر ذلك الملك بأخذ ثور أبلق حسن الصورة، فبنى له مجلسا فى وسط قصره عليه قبة مذهبة، ووكل به سادنا، وكان يبخره له ويطيبه. وكان يعبده سرا من أهل مملكته، فبرأ من علته وعاد إلى أحسن حاله. وقال آخرون وكان السبب فى ذلك أن هذا الملك كان يتفقد بلاده ويطوف عليها؛ وهو أول من عملت له العجل، وعملت عليها قباب من خشب مذهبة وفرشت بالفرش.
وكانت البقر تجره فيطوف على جميع بلاده، فإذا مر بالمكان الخرب أمر بعمارته.
فقيل إنه نظر ذات يوم إلى ثور من تلك البقر التى كانت تجر تلك العجلة التى كان فيها الملك، وكان ثورا أبلقا حسن الهيئة، فأعجبه فأمر بإزالته من جر العجلة وسوقه بين يديه، وجعل عليه حللا من فاخر الديباج. فتفرد به يوما ينظر إليه، فبينما هو قائم بين يديه خاطبه الثور فقال له: لو رفعتنى أيها الملك كفيتك جميع أمورك، وأعنتك على ما تريد، وقويتك على ملك وأزلت عنك جميع عللك.
فارتاع الملك من كلامه، وأمر به حينئذ وغسل وطيب وبنى له هيكلا، وأمر بعبادته. وكان فى ذلك الثور آية أنه لا يروث ولا يبول ولا يأكل إلا أطراف ورق الشجر مرة واحدة فى الشهر. قال فافتتن الناس به، وصار ذلك أصلا لعبادة البقر بأرض مصر. وصار ذلك الثور يعبد مدة ثم إن ذلك الثور أمرهم أن يصنعوا صورة مثل صورته من ذهب مجوفة، ويؤخذ من رأسه شعرات ومن ذنبه ومن تحت قرونه ومن أظلافه ويجعل فى ذلك التمثال. وعرفهم أنه لاحق