بعالمه، وأمرهم أن يجعلوا جسده فى حرز من حجارة وينصب فى الهيكل، وينصب تمثاله عليه، ويكون ذلك وزحل فى شرفه، والشمس مسعودة تنظر إليه من تثليث، والقمر زائد، وتنقش على التمثال علامات الكواكب السبعة. فأمر الملك فعملت صورة الثور من ذهب، وكللت بأصناف الجوهر، وصنعوا سائر ما أمرهم به ذلك الثور، وفى الوقت الذي حدد لهم. وكان ذلك التمثال يخبرهم ما أمرهم به ذلك الثور، وفى الوقت الذي حدد لهم. وكان ذلك التمثال يخبرهم بالعجائب وما يحدث وقتا وقتا، ويجيبهم عن جميع ما يسألونه عنه، فعظم أمر ذلك التمثال، فنذرت له النذور وقربت له القرابين، وقصده الناس من الآفاق فكان يخبرهم بما يريدون. وبقيت عبادة البقرسنة فى دولة ذلك الملك يتوارثونها خلف عن سلف «١» ، إلى أن ملك منهم ملك يقال له ما ليق، وكان موحدا على دين من سبق من أجداده، قطيم ومصر، فكانت القبط تذمه لذلك؛ وكانت القبط تعبد الكواكب والبقر. وكان هذا الملك يستعمل الغزو والجولان على البلاد؛ وزعم بعض أهل مصر أن الله تعالى أيده بملك من الملائكة يوعظه ويرشده، وربما أتاه فى نومه فأخبره بالأشياء وأمره ونهاه. فجمع جيوشا عظيمة وأتخذ سفنا كثيرة فى البحر، وغزا جموع البربر برا وبحرا وهزمهم وأستأصل أكثرهم، وبلغ إفريقية وقتل أكثر أهلها وكانوا على الكفر. واتخذ فى بحر الروم ٤٠٠ سفينة، وكان لا يمر بأمة إلا أبادها إلى أن غزا بلاد الأندلس. ومشى إلى بلاد الافرنج وكان بها ملك عظيم، فحشد أمم نواحيه وأقام يحاربه شهرا ثم طلب السلامة والأمان، وأهدى إليه هدايا كثيرة. فسار عنه ودوخ الأمم المتصلة بالبحر الأخضر وأطاعه أكثرها، وعمل أعلاما على البحر الأخضر، وزبر عليها اسمه وتاريخ الوقت الذي عملها فيه. وخرب مدن البربر حيث كانت حتى الجأهم إلى ذرى الجبال، ثم رجع إلى مصر، فتلقاه أهل مصر بصنوف اللهو والطيب، وفرشت له الطرقات بأنواع الرياحين والأزاهير، ودخل قصره وهو غانم موفور؛ وذلك صنع الله لمن وحده ولم يشرك به شيئا. وأمر أن يبنى له ناووس فكان يتعبد فيه، فلما حضرته الوفاة أمر أن يدفن فيه، وألا يدفن معه ذهب ولا فضة ولا جوهر. فلم يدفن معه سوى الطيب، وصحيفة مكتوبة بخطه: هذا ناووس فلان