ابن فلان الملك، مات مؤمنا بالله لا يعبد معه غيره، بريئا من الأصنام وعبادتها، مؤمنا بالبعث والحساب والمجازاة على الأعمال، فمن أحب النجاة من عذاب الآخرة فليؤمن بما أومن به «١» .
وكان من ذرية هؤلاء الملوك، كلكن الملك الجبار، كان يعقد التاج على رأسه، وكانت دار مملكته منف، وهى كانت دار الملوك قبله. وكان يحب الحكمة؛ وإظهار الحكمة والعجائب، ويقرب العلماء والمنجمين وأهل الصنعة، فلم تعمل الكيمياء قط فى وقت من الأوقات كما عملت فى أيامه، حتى أستغنى أهل ذلك العصر عن معادن الذهب فلم يشتروها، ولم يكن الذهب أكثر منه فى أيامه، ولا الصنعة أقوى منها فى وقته. كان يطرح المثقال من مثاقيل الكيمياء على القناطير الكثيرة من الفضة فيصبغها. ويحكى القبط عنه أنه اخترع أشياء تخرج عن حد العقل حتى أنهم يسمونه حكيم الملوك؛ غلب جميع الكهنة فى علمهم حتى كان يخبرهم بما غاب عنهم فخافوه. وفى وقته كان نمرود ابراهيم الخليل عم «ا» ؛ وكان نمرود جبارا شديد البأس، وكان ملكه بالعراق، وكان قد أوتى قوة وبطشا فغلب على أكثر الأرض، فأراد أن يستوزر كلكن الملك. وبعث إليه فى ذلك فخافه كلكن وأجابه إلى ذلك، ووجه إليه أنه يريد أن يلقاه منفردا من أهله وحشمه، ليريه من حكمته وسحره؛ فسار النمرود إلى موضع يلقاه فيه كلكن. فأقبل كلكن تحمله أربع أفراس ذوات أجنحة، وقد أحاط به نور كنار، وهو فى صورة مهيبة؛ فدخل بها وهو متوشح تنينا عظيما، والتنين فاغرفاه، ومعه قضيب آس؛ فكلما رفع التنين رأسه ضربه بالقضيب الذي بيده، فلما رأى النمرود هاله ما رآه، واعترف له بجليل حكمته وسأله أن يكون له ظهيرا ففعل. وتزعم القبط أن كلكن الملك كان يجلس إلى الهرم الغربى، وهو أعظم الأهرام، فى قبة على رأس الهرم. وكان يجمع إليه رعيته وحشمه ويأمرهم وينهاهم من أعلى الهرم، ويقيم