إليه يوسف فى وجوه أهل مصر، وتلقاه وأدخله على الملك، وكان يعقوب عم نبيا جليلا فصيحا فأعظمه الملك وأحبه. قيل فدعاه يعقوب إلى توحيد الله تعالى ونبذ الأصنام، وكان يوسف قد قدر عنده ذلك فتمكن من استبصار الملك وآمن.
فيقال إنه كتم إيمانه خوفا من ذهاب ملكه، ثم لم يزل يعقوب عليه السلام مكرما معظما حتى حضرته الوفاة، وذلك فى حياة الملك الريان بن الوليد، فأوصى يعقوب أن يدفن فى مكانه ومكان آبائه بالشام، فوضع فى تابوت وخرج به يوسف ووجوه أهل مصر حتى بلغوه إلى موضعه. قيل فمنعهم عيصوم أخو يعقوب أن يدفنوه هناك لأن إسحاق عم آباهما وهب لعيصوم ذلك الموضع حتى اشتراه يوسف منه ودفن فيه يعقوب. ثم انصرف يوسف إلى مصر، وولد له بعد ذلك أولاد كثير.
ثم هلك الملك الريان واستخلف ابنه دريموس بن الريان، وهو فرعون الرابع ويسميه أهل الأثر دارم، وكان الملك الريان قد أوصى ابنه دريموس أن يبقى يوسف على ما كان عليه «ا» من استخلاف وحجابة وأن يسمع من رأيه، فبقى يوسف على ما كان عليه «ا» . وكان الملك دريموس يسمع من رأيه غير أنه خالفه فى دينه وما كان اعتقده أبوه، فكان يخدم القمر لأنه كان طالعه، فكان يصنع له أصناف الفضة وينصبها فى قصر الرخام الذي بناه أبوه فى شرقى النيل. قيل وقبض يوسف عم بعد سنين من ولاية هذا الملك، فجزع عليه جزعا شديدا وكذلك أهل مصر، وأمر الملك أن يكفن فى ثياب الملوك، وجعل فى تابوت من رخام، ودفن فى الجانب الغربى من النيل عاما فأخصب ذلك الجانب ثم نقل إلى الجانب الشرقى عاما فأخصب أيضا ذلك الجانب، فلما ظهرت لهم بركته رأوا رأيا أن يجعل التابوت فى وسط النيل، فشدوه بالحبال ودلوه فى وسط النيل فأخصب الجانبان كلاهما جميعا «١» .