فرعون، وكان عبد السيد لم يسلم بعد، فقال: أنا لا أدع موسى وأذهب إلى فرعون، قال له: ولم؟ قال: لأن موسى أغرق فرعون، فانقطع فاحتج عليه بالنصر القدري الذي نصر الله موسى لا بكونه كان رسولاً صادقاً، قلت لعبد السيد: وأقر لك أنه على قول فرعون؟ قال: نعم، قلت: فمن سمع إقرار الخصم لا يحتاج إلى بينة أنا كنت أريد أن أبين لك أن قولهم هو قول فرعون فإذا كان قد أقر بهذا حصل المقصود.
فهذه المقالات وأمثالها من أعظم الباطل وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها وأنه باطل والواجب إنكارها فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى من إنكار دين اليهود والنصارى الذي لا يضل به المسلمون لا سيما وأقوال هؤلاء شر من قول اليهود والنصارى ومن عرف معناها واعتقدها كان من المنافقين الذين أمر الله بجهادهم بقوله تعالى:" جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم " والنفاق إذا عظم كان صاحبه شراً من كفار أهل الكتاب، وكان في الدرك الأسفل من النار. وليس لهذه المقالات وجه سائغ ولو قدر أن بعضها يحتمل في اللغة معنى صحيحاً فإن ما يحمل عليها إذا لم يعرف مقصود صاحبها (١) وهؤلاء قد عرف مقصودهم كما عرف دين اليهود والنصارى والرافضة ولهم في ذلك كتب مصنفة وأشعار مؤلفة وكلام يفسر بعضه بعضاً وقد علم مقصودهم بالضرورة، فلا ينازع في ذلك إلا جاهل لا يلتفت إليه
(١) المنار: في الكلام تحريف وسقط والمعنى المفهوم من القرينة أنها - إنما يصح أن تحمل على معنى صحيح تحتمله اللغة إذا لم يعرف مقصود صاحبها