ويجب بيان معناها وكشف مغزاها لمن أحسن الظن بها أو خيف عليه أن يحسن الظن بها وأن يضل، فإن ضرر هذه على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي يأكلونها ولا يعرفون أنها سموم، وأعظم من ضرر السراق والخونة الذين لا يُعرفون أنهم سراق وخونة، فإن هؤلاء غاية ضررهم موت الإنسان أو ذهاب ماله وهذه مصيبة في دنياه قد تكون سبباً لرحمته في الآخرة، وأما هؤلاء فيسقون الناس شراب الكفر والإلحاد في آنية أنبياء الله وأوليائه ويلبسون ثياب المجاهدين في سبيل الله وهم في الباطن من المحاربين لله ورسوله، ويظهرون كلام الكفار والمنافقين، في قوالب ألفاظ أولياء الله المحققين، فيدخل الرجل معهم على أن يصير مؤمناً ولياً لله فيصير منافقاً عدواً لله. ولقد ضربت لهم مرة مثلاً بقوم أخذوا طائفة من الحجاج ليحجوا بهم فذهبوا بهم إلى قبرص، فقال لي بعض من كان قد انكشف له ضلالهم من أتباعهم: لو كانوا يذهبون بنا إلى قبرص لكانوا يجعلوننا نصارى وهؤلاء يجعلوننا شراً من النصارى، والأمر كما قاله هذا القائل.
وقد رأيت وسمعت عمن ظن هؤلاء من أولياء الله وأن كلامهم كلام العارفين المحققين من هو من أهل الخير والدين ما لا أحصيهم فمنهم من دخل في اتحادهم وفهمه وصار منهم، ومنهم من كان يؤمن بما لا يعلم، ويعظم ما لا يفهم، ويصدق بالمجهولات، وهؤلاء هم أصلح الطوائف الضالين وهم بمنزلة من يعظم أعداء الله ورسوله ولا يعلم أنهم أعداء الله ورسوله، ويوالي المشركين، وأهل الكتاب، ظاناً أنهم من أهل الإيمان وأولي الألباب، وقد دخل بسبب هؤلاء الجهال المعظمين لهم من الشر على المسلمين، ما لا يحصيه إلا رب العالمين،