للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سلوكه الربوبية والقيومية الكاملة الشاملة لكل مخلوق من الأعيان والصفات، وهذه الأمور قائمة بكلمات الله الكونية التي كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستعيذ بها فيقول: " أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن " فيغيب ويفنى بهذا التوحيد الرباني عما هو مأمور به أيضاً ومطلوبه وهو محبوب الحق ومرضيه من التوحيد الإلهي الذي هو عبادته وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسوله، والأمر بما أمر به، والنهي عما نهى عنه، والحب فيه، والبغض فيه، ومن أعرض عن هذا التوحيد وأخذ بالأول فهو يشبه القدرية المشركية الذين قالوا " لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا " ومن أخذ بالثاني دون الأول فهو من القدرية المجوسية الذين يزعمون أن الله لم يخلق أفعال العباد ولا شاء جميع الكائنات كما تقول المعتزلة والرافضة ويقع في كلام كثير من المتكلمة والمتفقهة، والأول ذهب إليه طوائف من الإباحية المنحلين عن الأوامر والنواهي، وإنما يستعملون ذلك عند أهوائهم وإلا فهو لا يستمر، وهو كثير في المتألهة الخارجين عن الشريعة خفو العدو وغيرهم فإن لهم زهادات وعبادات فيها ما هو غير مأمور به فيفيدهم أحوالاً فيها ما هو فاسد يشبهون من بعض الوجوه الرهبان وعباد البدود (١) .


(١) الظاهر أن البدود جمع بد بالضم وذكروا أن جمعه بددة وابداد
وبوت بالفارسية الضم

<<  <  ج: ص:  >  >>