للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال الشيخ عبد القادر قدس الله روحه كثير من الرجال إذا دخلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا وأنا انفتحت لي فيه روزنة فنازعت أقدار الحق بالحق للحق، والولي من يكون منازعاً للقدر لا من يكون موافقاً له. وهذا الذي قاله الشيخ تكلم به على لسان المحمدية (١) ، أي أن المسلم مأمور أن يفعل ما أمر الله به، ويدفع ما نهى الله عنه، وإن كانت أسبابه قد قدرت، فيدفع الله بقدر الله كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في كتاب الدعاء عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: " إن الدعاء والبلاء ليلتقيان بين السماء والأرض " وفي الترمذي قيل: يا رسول الله؟ أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقي نسترقي بها وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: " هن من قدر الله " (٢) وإلى هذين المعنيين أشار الحديث الذي رواه الطبراني أيضاً عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: " يقول الله يا ابن آدم إنما هي أربع: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بينك وبين خلقي. فأما التي لي: فتعبدني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك فعملك أجزيك به أحوج ما تكون إليه، وأما التي هي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين خلقي فأت الناس بما تحب أن يؤتوه إليك ".

ثم إن التوحيد الجامع لتوحيد الألوهية والربوبية أو توحيد أحدهما للعبد فيه ثلاث مقامات: أحدها مقاما الفرق والكثرة بإنعامه من كثرة المخلوقات والمأمورات.

والثاني مقام الجمع والفناء بحيث يغيب بمشهوده


(١) كذا ولعل أصله الشريعة المحمدية
(٢) ومنه أثر عمر في الطاعون: نفر من قدر الله إلى قدر الله

<<  <  ج: ص:  >  >>