واندراس شريعة الإسلام وإن هؤلاء مقدمة الدجال الأعور الكذاب الذي يزعم أنه هو الله فإن هؤلاء عندهم كل شيء هو الله ولكن بعض الأشياء أكبر من بعض وأعظم، وأما على رأي صاحب الفصوص فإن بعض المظاهر والمستجليات يكون أعظم لعظم ذاته الثابتة في العدم، وأما على رأي الرومي فإن بعض المتعينات يكون أكبر، فإن بعض جزئيات الكلي أكبر من بعض، وأما على البقية فالكل أجزاء منه، وبعض الجزء أكبر من بعض، فالدجال عند هؤلاء مثل فرعون من كبار العارفين وأكبر الرسل بعد نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فموسى قاتل فرعون الذي يدعي الربوبية، ويسلط الله تعالى مسيح الهدى الذي قيل فيه إنه الله تعالى وهو برئ من ذلك على مسيح الضلالة الذي قال إنه الله.
ولهذا كان بعض الناس يعجب من كون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:" إنه أعور (١) " وكونه قال: " واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت " وابن الخطيب أنكر أن يكون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال هذا لأن ظهور دلائل الحدوث والنقص على الدجال أبين من أن يستدل عليه بأنه أعور فلما رأينا حقيقة قول هؤلاء الاتحادية وتدبرنا ما وقعت فيه النصارى والحلولية ظهر سبب دلالة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأمته بهذه العلامة فإنه بعث رحمة لعالمين فإذا كان كثير من الخلق يجوز ظهور
(١) تتمة الحديث " وأن الله ليس بأعور" رواه الشيخان من حديث ابن عمر وهذا لفظ البخاري وهذه الجملة هي محل التعجب الذي حمل ابن الخطيب وهو البحر الرازي على إنكار الحديث