الرب في البشر أو يقول إنه هو البشر كان الاستدلال على ذلك بالعور دليلاً على انتفاء الإلهية عنه.
وقد خاطبني قديماً شخص من خيار أصحابنا كان يميل إلى الاتحاد ثم تاب منه وذكر هذا الحديث فبينت له وجهه وجاء إلينا شخص كان يقول إنه خاتم الأولياء فزعم أن الحلاج لما قال أنا الحق كان الله تعالى هو المتكلم على لسانه كما يتكلم الجني على لسان المصروع وأن الصحابة لما سمعوا كلام الله تعالى من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان من هذا الباب. فبينت له فساد هذا وإنه لو كان كذلك كان الصحابة بمنزلة موسى بن عمران وكان من خاطبه هؤلاء أعظم من موسى لأن موسى سمع الكلام الإلهي من الشجرة وهؤلاء يسمعون من الجن الناطق، وهذا يقوله قوم من الاتحادية لكن أكثرهم لا يفرقون بين الاتحاد العام المطلق الذي يذهب إليه الفاجر التلمساني وذووه وبين الاتحاد المعين الذي يذهب إليه النصارى والغالية، وقد كان سلف الأمة وسادات الأئمة يرون كفر الجهمية أعظم من كفر اليهود كما قال عبد الله ابن المبارك والبخاري وغيرهما وإنما كانوا يلوحون تلويحاً وقل إن كانوا يصرحون بأن ذاته في مكان.
وأما هؤلاء الاتحادية فهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية ولكن السلف والأئمة أعلم بالإسلام وبحقائقه فإن كثيراً من الناس قد لا يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى فلما اطلع السلف على سر القول نفروا منه، وهذا كما قال بعض الناس: متكلمة الجهمية لا يعبدون شيئاً ومتعبدة الجهمية كل شيء، وذلك لأن متكلمهم ليس في قلبه