للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هؤلاء في الإثبات يجبن عن إظهاره كثير من الناس، وعلى ذلك تأول يحيى بن عمار وصاحبه شيخ الإسلام أو إسماعيل الأنصاري ما يروى أن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا أهل العلم بالله، فإذا ذكروه لم ينكره إلا أهل الغرة بالله، تأولوا ذلك على ما جاء من الإثبات، لأن ذلك ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والسابقين والتابعين لهم بإحسان، بخلاف النفي فإنه لا يؤخذ عنهم، ولا يمكن حمله عليه.

وقد جمع علماء الحديث من النقول عن السلف في الإثبات ما لا يحصي عدده إلا رب السموات ولم يقدر أحد أن يأتي عنهم في النفي بحرف واحد إلا أن يكون من الأحاديث المختلفة التي ينقلها من هو أبعد الناس عن معرفة كلامهم.

ومن هؤلاء من يتمسك بمجملات سمعها، بعضها كذب وبعضها صدق، مثل ما ينقلونه عن عمر أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان وكنت كالزنجي بينهما، فهذا كذب باتفاق أهل العلم بالأثر، وبتقدير صدقه فهو مجمل، فإذا قال أهل الإثبات كان ما يتكلمان فيه من هذا الباب لموافقته ما نقل عنهما كان أولى من قول النفاة أنهما يتكلمان بالنفي، وكذلك حديث جراب أبي هريرة لما قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين أما أحدهما فبثثته فيكم وأما الآخر فلو بثثته لقطعتم هذا البلعوم - فإذن هذا حديث صحيح لكنه مجمل قد جاء مفسراً أن الجراب الآخر كان فيه حديث الملاحم والفتن، ولو قدر أن فيه ما يتعلق بالصفات فليس فيه ما يدل على النفي بل الثابت المحفوظ من أحاديث

<<  <  ج: ص:  >  >>