يجوز لأحد أن يسأل ويدعو بمزيد الحيرة إذا كان حائراً بل يسأل الهدى والعلم، فكيف بمن هو هادي الخلق من الضلال، وإنما ينقل هذا عن بعض الشيوخ الذين لا يقتدى بهم في مثل هذا إن صح النقل عنه فهذا يلزم عليه أمور: أحدها: أن من قال هذا فعليه أن ينكر على النفاة فإنهم ابتدعوا ألفاظاً ومعاني لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة، وأما المثبتة إذا اقتصروا على النصوص فليس له الإنكار عليهم - وهؤلاء الواقفة هم في الباطن يوافقون النفاة أو يقرونهم، وإنما يعارضون المثبتة فعلم أنهم أقروا أهل البدعة، وعادوا أهل السنة.
الثاني: أن يقال عدم العلم بمعاني القرآن والحديث ليس مما يحب الله ورسوله فهذا القول باطل.
الثالث: أن يقال الشك والحيرة ليست محمودة في نفسها باتفاق المسلمين غاية ما في الباب أن من لم يكن عنده علم بالنفي ولا الإثبات يسكت فأما من علم الحق بدليله الموافق لبيان رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فليس للواقف الشاك الحائر أن ينكر على العالم الجازم المستبصر المتبع للرسول العالم بالمنقول والمنقول.
الرابع: أن يقال السلف كلهم أنكروا على الجهمية النفاة وقالوا بالإثبات وأفصحوا به، وكلامهم في الإثبات والإنكار على النفاة أكثر من أن يمكن إثباته في هذا المكان وكلام الأئمة المشاهير مثل مالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيدة وأئمة أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد موجود كثير لا يحصيه أحد.