للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجواب مالك في ذلك في الإثبات فإن السائل قال له: يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، وفي لفظ: استواؤه معلوم أو معقول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فقد أخبر رضي الله عنه بأن نفس الاستواء معلوم وأن كيفية الاستواء مجهولة وهذا بعينه قول أهل الإثبات، وأما النفاة فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته بل عند هذا القائل الشاك وأمثاله أن الاستواء مجهول غير معلوم وإن كان الاستواء مجهولاً لم يحتج أن يقال الكيف مجهول لا سيما إذا كان الاستواء منفياً فالمنفي المعدوم لا كيفية له حتى يقال هي مجهولة أو معلومة وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء وإنه معلوم وإن له كيفية لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن، ولهذا بدع السائل الذي سأله عن هذه الكيفية، فإن السؤال إنما يكون عن أمر معلوم لنا ونحن لا نعلم كيفية استوائه وليس كل ما كان معلوماً وله كيفية تلك الكيفية معلومة لنا يبين ذلك أن المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنه قال: الله في السماء وعلمه في كل مكان حتى ذكر مكي في كتاب التفسير الذي جمعه من كلام مالك ونقله أبو عمر والطلمنكي وأبو عمر بن عبد البر وابن أبي زيد في المختصر وغير واحد ولو كان مالك من الواقفة أو النفاة لم ينقل هذا الإثبات، والقول الذي قاله مالك قاله قبله ربيعة بن عبد الرحمن شيخه كما رواه عنه سفيان بن عيينة وقال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشوني، كلاماً طويلاً يقرر مذهب الإثبات ويرد على النفاة وقد ذكرناه في غير هذا الموضع.

وكلام المالكية في ذم الجهمية النفاة مشهور في كتبهم وكلام أئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>